حصار العرب 2/1

هناك فقرة تاريخية يعتقد البعض أنها مفقودة أو غير واضحة هي فترة منتصف القرن السادس وبداية القرن السابع الميلادي, وتعرف تاريخياً بالفترة الأخيرة من زمن الممالك العربية التي تسيدتها ممالك مثل الغساسنة والمناذرة وكندة وقريش .. الذي تابع المسلسل الرمضاني (صدق وعده) يرى أن المؤلف ركز على تلك الفترة وعالجها سياسياً عندما أوضح الخريطة السياسية للجزيرة العربية في بداية السيرة النبوية وظهور الإسلام، وكيف أن العرب في جزيرتهم واقعون بين (كماشات) من الشمال الدول البيزنطية (الروم) ومن الشرق والجنوب الدولة الفارسية (العجم) ومن الغرب الدولة الحبشية (الأحباش) والعرب مقسمون, تتنازعهم تلك الدول القوية, حيث سيطرت الدولة الفارسية على الخليج العربي وبحر العرب وشواطئ الجزيرة العربية في البحر الأحمر (القلزم) وسيطرت الأحباش على شواطئ البحر الأحمر الغربية فشمال الجزيرة العربية كان مقسماً ما بين الروم في الوسط والشمال الغربي وفارس في الركن الشمالي الشرقي, والعرب محصورون داخل أراضي الجزيرة العربية فكانت دائرة العرب تضيق بعد أن احتل الفرس اليمن وسيطروا على صنعاء والممرات المائية .. هذا التركيز من المؤلف والمخرج يندر تناوله في الأعمال التاريخية لحساسيته وندرة المعلومات والدراسات والأبحاث في هذا المجال. فترة الممالك العربية التي كانت سائدة قبيل ظهور الإسلام فترة غامضة يقابلها غموض القرن الرابع الهجري والقرن الثامن الهجري تلك الفترات تعد من أعقد المراحل التاريخية .. وهذا يفسر لنا أشياء كثيرة كانت الكتب التاريخية لا تكشف عنها أو لا تبحث في أسبابها وبخاصة كتب السيرة النبوية والخلفاء الراشدين .. فإذا كان الخليفة أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ انشغل في فترة خلافته بتوطيد الدولة الإسلامية التي رسمها وأسسها الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ هو الذي كسر الطوق والحصار الذي كانت الدولة الفارسية تقيمه على الجزيرة العربية حيث تحاصرها سياسيا وتجاريا واجتماعيا من العراق شمالاً ومروراً على الخليج العربي شرقاً وحتى بحر العرب واليمن جنوباً وصولاً إلى مضيق باب المندب غرباً. عندما وجه الخليفة عمر بن الخطاب جيوشه لفك الحصار والفتح ونشر الإسلام إلى العراق وبلاد فارس وساسان وبلاد الجبال الشرقية ووجه الجيوش لفك حصار روما ودولة بيزنطة ولاستعادة الأراضي العربية في الشام والعراق ومصر ونشر الإسلام وتبليغ الرسالة, ونتج عن ذلك انهيار الدولة الساسانية فارس انهياراً كاملاً وتم تحجيم ودحر الروم والدولة البيزنطية وتراجعها إلى أقصى شواطئ البحر الأبيض المتوسط حتى انهيارها تماماً والقضاء على الدولة البيزنطية زمن الخليفة العثماني محمد الفاتح في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي