حصار العرب (2 من 2)

كنت قد أشرت في المقال السابق إلى حالة الحصار التي كانت تعيشها الجزيرة العربية في بداية ظهور الدعوة الإسلامية، حيث كانت فارس تحاصر العرب شرقاً وجنوباً في حين تحاصر بيزنطة العرب من الشمال والغرب وتحاصر الحبشة العرب من الجنوب الغربي لذا أتمنى من كتاب الدرامى التاريخية التركيز على الحالة السياسية في أوائل القرن السابع الهجري في بداية ظهور الإسلام، حيث كان العرب داخل حصار شديد من قوى إقليمية تسيطر على ممراته البحرية ومنافذه البرية لأن هذا التركيز يقودنا إلى قراءة جديدة لأحداث الوقت الراهن والصراع الدائر ما بين الغرب وإيران في الخليج وبحر العرب وصراع القوى الدولية في البحر الأحمر وشرق إفريقياً وتحديداً في القرن الإفريقي في الصومال.
نستطيع أن نحلل ما حصل في أوائل القرن السابع الهجري ونسقطه على الواقع المعاش حين كانت فارس وبيزنطة والأحباش تحاصر العرب وتحرمها من بحارها وممرات المياه وتجعلها داخل جيوب صحراوية لا تدخل إليها السفن ولا القوافل البرية وأن تتقاسم الخيرات العربية الإمبراطورتان فارس والروم بمساندة من الأحباش .. الوطن العربي حالياً يعيش أوضاع الأمس نفسها مهددا من منظمة القاعدة الإرهابية في أرض الصومال. وإيران لديها طموح نووي وامتلاك القنبلة النووية وتوقع حرب رابعة في الخليج, وإسرائيل شوكة في خاصرة الوطن العربي في بلاد الشام. والحلف الأطلسي الذي يمثل روما وبيزنطة يحتل المياه الإقليمية قبالة شواطئ العرب في البحر الأبيض المتوسط ويمشط بحار العرب: مياه الخليج وبحر العرب والبحر الأحمر وكأن الصراع نفسه في القرن السابع الهجري.. يتهم العرب والمسلمون دائماً بأنهم توسعيون عندما حركت جيوش الخلافة الراشدة جيوشها إلى خارج الجزيرة في حين لا أحد يلتفت للوضع الراهن إبان ظهور الدعوة الإسلامية كيف أن فارس احتلت العراق واليمن وأن بيزنطة احتلت الشام وباديتها وقبل ذلك التاريخ حملات الاسكندر المقدوني في الألف الأول قبل الميلاد التي غزت الشرق وبعد ذلك التاريخ عندما تجيشت أوروبا في الحروب الصليبية في القرن الخامس الهجري واستمرت الحملات والاستعمار حتى الربع الأخير من القرن العشرين, الرابع عشر الهجري, وبالتالي يتهم العرب بأنهم دولة توسعية بقيام الخلافة الإسلامية التي بدأت من الخلافة الراشدة وحتى أعلنت تركيا تخليها تماماً عن الخلافة العثمانية في الربع الأول من القرن الـ 20 وقيام تركيا الحديثة عام 1923م. والعالم العربي والإسلامي طوال هذا التاريخ يدافع عن نفسه ويدفع بالمستعمر والأطماع خارج حدود البلاد العربية والإسلامية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي