الفوضى في احتفال مدينة الخبر!!

كان الاحتفال بذكرى توحيد الوطن هذا العام في الخبر مختلفا عن سواها من بقية المدن في الوطن, وجميعنا فوجئنا بما حدث هناك، حيث شهدت تلك المدينة أحداث شغب وفوضى وتخريب وسلب ونهب للعديد من المحال ومطاعم الأكل السريع، وقيل إنهم تجاوزوا المئات من الشباب قدموا من الرياض إلى الخبر للاحتفال باليوم الوطني بطريقة مخربة أثارت الخوف والهلع في نفوس العائلات التي كانت في الأقسام الخاصة بها في تلك المطاعم.
وذكر في بعض المواقع أنها كانت ليلة دامية اشتبكت فيها قوات الطوارئ ومكافحة الشغب مع المخربين الذين تجاوزوا المئات من الشباب معظمهم قادمون من الرياض وتسببوا في إثارة الفوضى وهم يسيرون على شكل مجموعات وأمواج بشرية متحركة نحو كل ما يرونه أمامهم من سيارات ومحال وعائلات ورجال الأمن الذين تعرضوا لأذى كبير، فالوضع أشبه ما يكون باستنفار فوضوي استخدمت فيه العصي ونحوها من قبل المخربين ومثيري الشغب, والهراوات والعصي من قبل قوات الطوارئ ومكافحة الشغب إضافة إلى إطلاق النار في الهواء من قبل قوات الأمن لمحاولة تفريق المتجمهرين.
كنت في ذهول وأنا أتابع المناظر التي بثتها بعض مواقع اليوتيوب، الزجاج يتكسر وأصوات هؤلاء الشباب ترتفع فرحا وأيديهم تمتد لتسرق ما تجده!
هل هذا هو احتفالهم بيوم الوطن؟
هل هذه الفوضى تنفيس عن شيء ما في دواخلهم؟ أم هي الفوضى تحرك ما يقال إنه العقل الجمعي الذي يتولد في حركة الجمهور فينتقل الصراخ من شخص ليسمع صداه لدى الآخرين، وبالتالي تنتقل ذبذبات هذه الفوضى وتثير حماسا لا معنى له سوى طيش اللحظة ونزقها وعدم الخوف من العقاب، بل تحدي رمز الشرطة والأمن والإصرار على المضي في التدمير والنهب والشعور بالسعادة لذلك! وهذا هو الوضع المثير للتساؤل.. لماذا؟
لماذا تسير هذه الأعداد إلى مدينة الخبر بالذات؟ ولماذا التكسير والسرقات والاعتداء على العاملين في تلك المحال بالضرب؟ ولماذا هذه النشوة في أصواتهم؟ وكأنهم يحققون نصرا وهميا بالحصول على الطعام والآيس كريم بل والملابس! وأيضا سرقة المال الموجود في تلك المحال!
عدد تلك المحال التجارية التي تعرضت للتكسير والتخريب والسرقة تجاوز 20 ما بين مطاعم ومقاه ومحال تجارية! إضافة إلى عشرات السيارات والحافلات التي تعرضت للتكسير وضرب السائقين فيها وخاصة سيارات العمالة الوافدة, ومواطني دول مجلس التعاون الذين لم يسلموا من هؤلاء العابثيين! حتى اللوحات الإعلانية وأعمدة الإنارة لم تسلم من التكسير بشكل كامل وإسقاط أعمدة الإنارة الواقعة في الواجهة البحرية بجوار المطاعم لاستخدامها في التكسير. وأسوأ ما في هذه الفوضى تعرض عديد من العائلات الموجودة في المطاعم والمقاهي إلى اعتداءات وتحرشات جنسية بعد أن اقتحم المخربون أقسام العائلات مثيرين الرعب فيها.
إذا نحن أمام حالات عدوانية قام بها شباب قيل إن أعمارهم تراوح بين عمر 15 و20 عاما! ويبدو من صورهم أنهم كذلك. ولا بد أن يعاد النظر في كيفية توجيههم عبر المدارس والكليات إن كانوا ملتحقين بمؤسسات للتعليم العالي. ولا بد أن يعاد النظر في آليات احتفالنا بهذا اليوم كي يعبر عن ولاء وانتماء وليس أذى للغير وتدميرا لممتلكاتهم.
التعبير عن الحب للوطن ليس مسيرات وصراخا والتلويح بالعلم والرقص في الشوارع والمراكز التجارية وإيذاء المتسوقين بالصراخ والضجيج والفوضى.
كنت في دولة خليجية أيام احتفالهم بعيد الاستقلال عندهم وكانت الفوضى هناك تتمثل في مسيرات بالسيارات من شباب في هذه الشريحة من العمر يقومون بتلوين أي سيارة بما لديهم من علب فيها رذاذ ملون وأبيض. وكانت تلك الأعمال مزعجة للبعض ويسر بها البعض!! وتسببت في تعطيل المرور كثيرا ولكنهم تعودوا عليها لأنها لا تتعدى ذلك. لم يكسروا أعمدة إنارة ولم يحطموا زجاج المحال أو تكسيرها أو سرقتها!
ما أراه مهما هنا هو التأكد من الأسباب الحقيقية التي دفعت هؤلاء الشباب لهذه التصرفات؟ فكما نعرف أن الاحتفالات العامة في أي مجتمع قد يحدث فيها بعض التجاوزات نتيجة التأثر بالسلوك الجمعي، ولكن ليست بمثل هذه الفوضى التي لا تليق بذكرى يوم الوطن.
هناك من اقترح التنظيم الأمني الشامل، وهناك من اقترح تحديد الساحات التي تحتضن الاحتفالات في هذه المناسبة وأن تكون هناك فعاليات صباحية وأخرى في المساء، حيث تشارك جميع المؤسسات والشركات الوطنية الكبرى في هذه الفعاليات وتتوزع مظاهر الاحتفال في أنحاء المدينة كافة، أما ما يحدث حاليا من مسيرات فوضوية ومزعجة تتعدى الاحتفال إلى الاعتداء على مال الغير وأمنهم فتلك تصرفات لا ينبغي التهاون معها.

- اتكاءة الحرف
قالت إحداهن وهي تتابع ما حدث في مدينة الخبر من فوضي: لا نلومهم على ما يقومون به، فلا وظائف ولا مقاعد في الجامعة فهذه إذا وسيلتهم للتعبير عن المشاعر السلبية داخلهم.
سألت الله ألا يكون هذا هو موقفنا من أي حدث سلبي يطرق نوافذ الوطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي