تحرير الأسيرات الفلسطينيات ومسؤولية الأمة الإسلامية
ما بين اقتحام مجموعات متطرفة, بل إرهابية من المستوطنين, المسجد الأقصى من بوابة المغاربة وتجوالها في باحاته وهي تحمل خرائط للهيكل المزعوم ومحاولتها أداء طقوس تلمودية قبالة مسجد قبة الصخرة، منذ أسبوع ولكن تصدى لها المصلون, ونجحوا في طردهم رغم محاولة الشرطة الصهيونية حمايتهم, وبين إطلاق سراح الشريفات الفلسطينيات الأسيرات في سجون الصهاينة سوى أسبوع تقريبا.
جميعهن من الضفة الغربية بموجب اتفاق لتبادل (شريط مصور مدته دقيقة واحدة للجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الأسير في غزة) بعشرين أسيرة.! ولنتخيل كم يساوي هذا الجندي في كفة وميزان دولته العدو؟
تابعنا مشاهد استقبال الأسيرات العفيفات الفلسطينيات بالفرح, خصوصا استقبال أصغر أسير فلسطيني وهو طفل الأسيرة المحررة الزق ذات التسعة والثلاثين عاما (يوسف), الذي ولد في سجن الصهاينة في كانون الثاني (يناير) 2008.
وكما كان أهل الأسيرة المحررة فرحين بعودتها إليهم كنا فرحين مثلهم وكما سجدوا لله شكرا سجدنا لله شكرا علي تحريرها هي والأسيرات الأخريات, وكما قال زوجها: «إن الفرحة لا تكتمل إلا بالإفراج عن جميع الأسرى والأسيرات من سجون الاحتلال الإسرائيلي».
وقال زوجها أيضا: «صحيح نحن سعداء جداً لكن فرحتنا الكبرى ستأتي يوم تحرير أرضنا وأسرانا من سجون الاحتلال»، متمنياً أن يشعر ذوو الأسرى الفلسطينيون والعرب بما يشعر به من سعادة غامرة وفرحة كبيرة بالإفراج عن زوجته.
واعتبر الباحث في شؤون الأسرى والحركة الفلسطينية الأسيرة عبد الناصر فروانة (صفقة الشريط ) إنجازا غير مسبوق للمقاومة ولآسري شاليط، مؤكداً أنهم نجحوا أكثر من مرة حين إخفائه طوال المدة السابقة وحينما حصلوا على ثمن لمعلومة عن حياته.
وأضاف فروانة لشبكة الجزيرة أنه «ما زال أمام الصفقة الكبرى مشوار طويل, إذ إن إسرائيل لا تزال تحاول الضغط بطرق عدة لفرض شروطها والتقليل من شروط المقاومة الفلسطينية»، داعيا المقاومة للتنبه وضرورة الاستمرار في الصمود والثبات على مطالبهم العادلة.
تخيلوا معي (أسيرا طفلا يولد في المعتقل)! وسبق لي الكتابة عن الوضع المأساوي في هذه المعتقلات من منع للضوء وحرمان من الطعام منذ أعوام. هذا والعالم يضج بما يقال إنها (جمعيات حقوق الإنسان) تطارد الدول التي يقال إنها تمنع النساء حريتهن في الاختلاط وحرية الفرد في أن يمارس الشذوذ الجنسي, ومن يعاقبه فهو يتعدى على حريته ويعرض دولته للعقاب من هذه المنظمات الدولية!
في السياق الغريب من التصرفات والآراء التي توضح الازدواجية في الوقائع وكيف تعتسف القضايا لصالح من يمتلك القوة الدنيوية سلاحا وإرهابا!
نجد أن هناك تقارير نشرت تفيد بأن عددا من الدوائر الصهيونية أعربت عن قلقها البالغ من برامج الأطفال التي تبث على قنوات حركة حماس الفضائية، التي تغرس في قلوب الأطفال مبادئ الجهاد وقيم المقاومة ضد الاحتلال.
وحسب موقع القناة السابعة الإخباري الصهيوني فقد أكد مسؤولو معهد «نظرة على الإعلام الفلسطيني» وهو من أكبر المعاهد البحثية الصهيونية المتابعة لكل ما يرد في وسائل الإعلام الفلسطينية المختلفة، على وجود مخاوف من تزايد الكراهية لدى الأجيال الفلسطينية القادمة تجاه اليهود، بسبب ما يرد في وسائل الإعلام التابعة لحركة حماس، التي تربي الأطفال منذ نعومة أظافرهم على كراهية «إسرائيل» ومحاربة اليهود.
ولا أعرف كيف يتوقعون أن جيلا من الأطفال الفلسطينيين سيحبونهم وهم يولدون في معتقلاتهم مثل الصغير (يوسف)؟ وكيف سيحبونهم وهم يوميا يدنسون المسجد الأقصى؟ وكيف سيحبونهم وهم يوميا يجدون الأذى من المستوطنين في أشكال متعددة منها علي سبيل المثال وليس الحصر, كما شاهدناه في قذف أحدهم الخمور على النساء المسلمات الفلسطينيات المحجبات إمعانا في إيذائهن؟ بخلاف الضرب والركل والقتل والاعتقالات؟
ومن المتابعة لمدير المعهد إيتمار ماركوس يرى :(أن هناك برنامجا للأطفال على وجه الخصوص يتم بثه على قنوات حماس الفضائية وهو برنامج «طلائع الغد» يوجه الأطفال ويحرضهم على المقاومة ضد اليهود وقتلهم أينما كانوا، مشيراً إلى أن مقدم البرنامج الذي يظهر في زي دُب يدعى ناسور، يستخدم كلمات مختلفة، مغزاها كلها هو «الذبح» من أجل تخليص فلسطين من اليهود. واستشهد ماركوس ببعض الجمل التي وردت في إحدى حلقات البرنامج، مؤكداً أن جميعها تدعو الأطفال للجهاد وتحرضهم على القيام بأعمال المقاومة في المستقبل .
هل نسي مدير هذا المعهد ما تزخر به مناهج الصهاينة الدراسية بالدرجة الأولى من حقد ضد كل ما هو عربي وإسلامي؟ ناهيك عن الواقع المزري الذي يعيشه الفلسطينيون, ولا ننسى حرب غزة المدمرة التي استخدمت فيه جميع أنواع القنابل المحرمة دوليا, وما حدث من تدمير كامل للمؤسسات والمساجد والكنائس وأعداد الشهداء من الأطفال والنساء والشباب.
هل يمكن أن نوجد سلاما حقيقيا علي أرض فلسطين وما يحدث هناك يوميا في القدس والمسجد الأقصى القبلة الأولى للمسلمين، ومعراج النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى السماء، من إصرار صهيوني على الاستيلاء على المدينة وطمس معالمها الإسلامية، وحفر الأنفاق الكثيرة تحت المسجد الأقصى، وهدم بيوت المسلمين فيها، والعمل الدؤوب على تهجير أهلها وطردهم منها، والإعلان المتكرر بادِّعاء القدس العاصمة الموحدة والأبدية للكيان الصهيوني ليدلل على تمسك أولئك المعتدين الغاصبين بمخططاتهم التي أرادت أن تؤسس لدولة يهودية في فلسطين، حسبما قال بن جوريون: «لا معنى لإسرائيل دون القدس ولا معنى للقدس دون الهيكل».
وكما جاء في بيان بعض العلماء والمشايخ الأفاضل: (إن الذي أغرى اليهود في عدوانهم على القدس هو هذا الصمت الرهيب من الأمة بكل فئاتها، ما أدى إلى تسلط الإدارة الصهيونية وتفرغها لتهويد القدس عن طريق هدم المسجد الأقصى وإنشاء الهيكل المزعوم مكانه.
إن ما يجري اليوم يُحمِّل جميع المسلمين وفي مقدمتهم علماء الأمة مسؤولية شرعية وتاريخية تستوجب الصدع بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونبذ جميع أشكال العلاقات أو التطبيع مع ذلك العدو، لقول الله تعالى: «أَوَ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ».
**إن الجهود التي تبذلها حكومة المملكة العربية السعودية في رأب الصدع هناك هي الأمل في تحقيق الآمال في تحرير الأرض والبشر في فلسطين المحتلة.