تجربة غير مسبوقة دوليا

في السادس من جمادى الآخرة 1427هـ وخلال رعايته حفل أهالي الطائف كان الإعلان، وفي التاسع من شوال 1428هـ كان وضع حجر الأساس، وفي يوم الأربعاء الرابع من شوال 1430هـ الموافق 23 أيلول (سبتمبر) 2009م، ومع احتفالات المملكة باليوم الوطني، كان الافتتاح لمشروع عملاق لطالما راود خيال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - منذ أن كان فكرة وردت بخاطره منذ 25 عاماً، وتحولت الفكرة إلى أمنية، غير أن الظروف لم تكن مواتية آنذاك، فتحولت الأمنية إلى حلم. وأرادت المشيئة الإلهية أن تقع المعجزة وتحقق هذا الحلم في هذا الوقت وأصبح واقعاً رغم الظروف العالمية الحالية غير المواتية، حيث يضرب الكساد بالاقتصاد العالمي.
لقد تجسدت المعجزة على حنو بساحل البحر الأحمر في مدينة كُتب لها الخلود هي مدينة ثُوَل في شمال مدينة جدة، ولتشرق سماء جزيرة العرب بمنارة علمية غير تقليدية تخصصت أساساً في الدراسات العلمية التقنية والبحوث والتطوير لتسهم في إذكاء روح الإبداع والاختراع في مجتمعنا العربي والإسلامي لتأخذ بناصيته إلى الرقي والتقدم.. ولتطل بظلالها لتشمل العالم بأسره.. إنها جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية.
قال عنها البروفيسور تشون فونج شيه مدير الجامعة «ستحقق جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية بعد جيل واحد من الآن حلم خادم الحرمين الشريفين والذي لطالما كان يحلم به على طول 25 عاماً» وذكرت صحيفة «وول ستريت» الأمريكية «لو سارت هذه الجامعة بخطوات ثابتة ستكون أفضل من الجامعات الأمريكية نفسها»، وقال جون بيرجس الدبلوماسي الأمريكي السابق «ليس هناك حقاً جامعة أخرى في العالم مجهزة بمثل تجهيزات هذه الجامعة» وقال كولناران سينج هوجان، وهو عالم كمبيوتر هندي «إن أي شيء يحلم به الباحث موجود بهذه الجامعة».
تحتوي جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية على أربعة أقسام أكاديمية والتي تعد من المتطلبات الأساسية لتقدم أي أمة، هي: قسم علوم الأرض وعلوم وهندسة البيئة.. قسم العلوم والهندسة الحيوية.. قسم الرياضيات وعلوم وهندسة الحاسوب.. قسم العلوم والهندسية الفيزيائية والكيماوية.
وتمنح الجامعة الدرجات العلمية في الماجستير والدكتوراه في تسعة تخصصات، هي: الرياضة التطبيقية وعلوم الكمبيوتر AMCS.. العلوم الحيوية BS.. الهندسة الكيماوية والبيولوجية CBE.. علوم الحاسب CS.. الهندسة وعلوم الأرض ErSE.. الهندسة الكهربائية EE.. الهندسة وعلوم البيئة EnSE.. الهندسة وعلوم المواد MSE.. الهندسة الكيماوية ME.
إن هذا الإنجاز غير مستغرب في عهد خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله، فقد شهد مجال التعليم ازدهاراً كبيراً إضافة إلى المجالات الأخرى، حيث وصل عدد الجامعات في عهده إلى 25 جامعة حكومية، إضافة إلى عشرات الجامعات والكليات الأهلية، كذلك زاد عدد المبتعثين إلى الخارج من أبناء هذا الوطن على 50 ألف طالب وطالبة. ويذكر أنه في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حازت جامعة الملك سعود هذا العام على المرتبة 21 بين جامعات العالم.
إن سبب التميز ومكمن الإبهار في هذه التجربة الفريدة ينحصر في ثلاثة مرتكزات أساسية، الأول: المستوى الراقي للجامعة والذي يضعها، لا نقول في مصاف ولكن، في الصدارة من الجامعات العالمية المرموقة والذي أتاح للجامعة أن تولد عملاقة بما تحتويه من مبان ومن معدات وأجهزة علمية ومن أقسام علمية ومن كادر علمي أكاديمي عالمي يضم إليه هيئة تدريس من أكفأ الأساتذة الدوليين ومن الحاصلين على أعلى الجوائز العالمية. الثاني: التخطيط والتنفيذ المحكم لإخراج هذا المستوى الراقي وفي فترة لا تتعدى العامين والذي يعد انعكاساٌ للقيادة الحكيمة من جانب خادم الحرمين الشريفين وللإدارة الرشيدة من جانب حكومته. الثالث: قدرة المملكة على تحقيق هذا الإنجاز العظيم في ظروف دولية غير مواتية، حيث يضرب الكساد بجنبات الاقتصاد العالمي، والذي يعد دليلاً ليس فقط على قوة الاقتصاد السعودي ولكن أيضاً على مرونته وقدرته على استيعاب الطوارئ بل والانتكاسات الاقتصادية العالمية. ففي حين تشد الأزمة الاقتصادية بوثاق الاقتصاد العالمي إلا أن الاقتصاد السعودي يسير بخطىً ثابتة واثقة واعدة نحو التقدم والرقي والازدهار، والذي يعد مؤشرا على متانة الاقتصاد السعودي ودليلا على الفكر الواعي للقائمين عليه ولقيادته الرشيدة.
فهنيئاً لك يا خادم الحرمين الشريفين بهذا الإنجاز وهنيئاً لكل مواطن سعودي يحق له أن يفخر بهذه الإنجازات المتتالية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي