العثمان.. ماذا بعد شنغهاي؟ (1 من 2)

التحدي الذي يعيشه هذه الأيام الدكتور عبد الله العثمان مدير جامعة الملك سعود ليس تحدياً شخصياً بل هو طموح دولة ومجتمع ونخبة من الأكاديميين والمثقفين.. الدكتور عبد الله العثمان دخل في تحد مع تصنيف الجامعات ولكون تصنيف شنغهاي الصيني للجامعات هو أقوى (التصنيفات) الجامعية وأكثرها انتشاراً وقبولاً في الأوساط الأكاديمية لأنه يركز على أفضل 500 جامعة في العالم نظراً لمنهجية ومعايير التصنيف الذي يقوم على معيار جودة التعليم وأعضاء هيئة التدريس والمخرجات البحثية، وحجم الجامعة، لذا أختاره لأنه سيقدم تشخيصاً تقييمياً عالمياً لجامعة الملك سعود.
وعد الدكتور عبد الله العثمان بنقل ترتيب جامعة الملك سعود من أربعة أرقام إلى رقمين أي من الآلاف إلى خانة العشرات وتحديداً إلى أفضل 99 جامعة في العالم رغم صعوبة المعايير التي ينتهجها تصنيف شنغهاي: جودة التعليم: خريجو الجامعة الذين حصلوا على جائزة نوبل. وجودة أعضاء هيئة التدريس: حصول أحد منسوبي الجامعة على جائزة نوبل أو ميدالية فيلدز في الرياضيات، والباحثون الذين تم الاستشهاد بأبحاثهم في 21 موضوعاً علمياً. والمخرجات البحثية: أبحاث منشورة في مجلتي «نيتشر» nature و»ساينس» science، والمقالات المفهرسة في فهرس الاستشهاد العلمي الموسع وفهرس العلوم الاجتماعية scie. إضافة إلى الأداء الأكاديمي بالنسبة لحجم الجامعة.
بالتأكيد أنه ليس تحدياً شخصياً وإنما تحدي دولة ومجتمع والنخب الأكاديمية إذا عرفنا أن الجامعات السعودية بدأت إرهاصاتها الأولى في السبعينيات الهجرية الخمسينيات الميلادية من القرن الـ 20 الماضي في حين أن الجامعات العالمية في أوروبا بدأت في الظهور في القرن الـ 16 ميلادي وتشكل بعضها في القرن الـ 17 ميلادي، وهذا بالنسبة لنا في الأرض العربية يتزامن مع ظهور الدولة العثمانية ويتداخل مع الدولة المملوكية ونهاية الدولة العباسية والسلجوقية. وقصدت من ذلك الربط التاريخي لأوضاع العرب والمسلمين مع بداية ظهور الجامعات والكليات والأكاديميات إيجاد تصور للفاصل الحضاري فيما بيننا وبين أوروبا، لكن هذا الفصل التاريخي والحضاري المتباعد ربما لا يكون سبباً مقنعاً بأن نبقى في ذيل قائمة التصنيف الصيني وسبباً محبطاً لطموح القيادات التعليمية في بلادنا.. طموح الدكتور عبد الله العثمان أن يكسر حاجز الأرقام والخانات. ويجب أن يدعم لتقليل الفارق العلمي والحضاري فيما بيننا ـ نحن السعوديين والعرب ـ وبين مجتمعات أوروبا التي سبقتنا في إنشاء الجامعات وأوجدت حضارة تغذت على حضارتنا قبل أن تنهار الحضارة الإسلامية العلمية في القرن الـ 14 ذلك الانهيار الغامض. حيث استفادت أوروبا من نهوض الدولة العثمانية التي تغذت واستلمت حضارتها من السلاجقة والمماليك وحتى من الحضارة الصفوية لتجتاح أوروبا وتكاد تطبق الخلافة العثمانية على أوروبا حضارياً وعسكرياً.. لذا من حق الفريق الذي يقوده وكيل الجامعة الدكتور علي الغامدي الذي يخطط لجعل جامعة الملك سعود رقماً مميزاً عربياً وعالمياً ومن الأرقام الأفضل من أصل 99 جامعة من حقه أن يكون له هذا الطموح والتطلع بعد أن أنجزت الجامعة نجاحاتها في الداخل. وستبقى خطوط المنافسة مفتوحة مع العالم إذا قررنا ذلك، وأعتقد أن قيادة بلادنا تدعم وبقوة أن نكون رقماً صعباً ومميزاً بين جامعات العالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي