مكاتب المحاماة الأجنبية (1)

لقد كثر النقاش في الآونة الأخيرة في أوساط المحامين والصحافة عن مكاتب المحاماة الأجنبية وأعمالها في المملكة. وبحكم قربي من هذه المكاتب فقد أحببت أن أدلي برأيي في هذا الموضوع الذي هو في الحقيقة يتعلق بشكل كبير بمستقبل مهنة المحاماة في المملكة التي تعد في مراحلها الابتدائية الآن بأقل من عشر سنوات منذ صدور نظام المحاماة وبقية الأنظمة العدلية مع تقديرنا لأساتذتنا من المحامين الأفاضل الذين لديهم خبرة قد تتجاوز 30 عاما ولكن هم قلة والتنظيم الحقيقي للمحاماة بدأ مع نظام المحاماة الصادر عام 1422هـ.
وقبل الحديث عن الأربعة مليارات ريال التي ذهبت لمكاتب المحاماة الأجنبية وجاهزية المكاتب الوطنية لتوظيف 100 ألف مواطن ومواطنة كما تم عرضها في أحد الأخبار الصحافية ووضع المكاتب الأجنبية في السوق السعودية، فسيكون هذا المقال خلفية عامة عن مكاتب المحاماة الأجنبية في العالم ووجودها في المملكة، وبعد ذلك سأتطرق في مقالات لاحقة إلى السليبات والإيجابيات التي قدمتها هذه المكاتب لسوق المحاماة والتطور القانوني في المملكة. وفي النهاية سيكون محور الحديث مجموعة من الاقتراحات العامة والقانونية للاستفادة المثلى من هذه المكاتب وعدم ترك الحبل على الغارب لهذه المكاتب أو لغيرها في سوق المحاماة.
يمتد تاريخ بعض هذه المكاتب لأكثر من 200 سنة، وتعد الانطلاقة الرئيسة لها في لندن، إضافة إلى نيويورك. وتسيطر على هذه المكاتب المدرسة الأنجلوسكسونية التي بدأت أيضا من إنجلترا ومن هناك تم تصديرها إلى أنحاء كثير من العالم خلال الاحتلال الإنجليزي في قرون التفوق الإنجليزي ومن ضمنها بالتأكيد الولايات المتحدة. وعندما تلقي نظرة سريعة لأكبر 100 مكتب محاماة في العالم في عصرنا الحاضر كما هو مذكور في موقع ويكبيديا سيتبين لك سيطرة المكاتب البريطانية والأمريكية على معظم هذه القائمة باستثناء عدد محدود منها ترجع إلى دول أخرى كأستراليا ومكتب وحيد من كل من كندا وفرنسا وإسبانيا. ومعظم الدول الآنفة الذكر تشترك مع بريطانيا والولايات المتحدة في المدرسة الأنجلوسكسونية. وهذه المكاتب يصل أعداد المحامين فيها إلى أربعة آلاف محام في مكاتب منتشرة في معظم قارات العالم بل يصل أعداد المحامين في بعض فروع هذه المكاتب في لندن إلى أكثر من ألف محام. ومقارنة بسيطة مع أعداد المحامين المرخصين في المملكة التي في حدود 1500 محام مرخص تبين لك الفارق الكمي الذي ينعكس على الفارق الكيفي لوجود التخصصات الدقيقة في تلك المكاتب وعمومية التخصصات في السوق السعودية، ومتوسط أعداد المحامين في مكاتب المحاماة الكبيرة في المملكة يراوح بين 15 إلى 20 محاميا.
ويوجد حالياً ما يقارب 20 مكتب محاماة أجنبية تمارس أعمالها في المملكة عن طريق التعاون مع مكاتب محاماة سعودية. ومعظم هذه المكاتب دخلت سوق المحاماة خلال السنوات الخمس الماضية والاستثناء الرئيس لثلاثة من هذه المكاتب والتي لها وجود في السوق السعودية بشكل مستقر لـ 30 عاما، وهناك مكاتب دخلت السوق السعودية في مراحل معينة وغادرت. ويوجد عدد من هذه المكاتب يعمل من خلال مكاتبهم في دبي، أبوظبي أو الدوحة والبعض الآخر حتى من لندن ونيويورك، وذلك يؤثر بشكل كبير في عملهم. وحتى بعض هذه المكاتب التي لها عدد جيد من المحامين في المملكة يستعين بالخبرات في مكاتب تابعة لمكتب المحاماة الأجنبية في دول أخرى وذلك له تأثير بلا شك سلبيا في حالات معينة وإيجابيا في حالات أخرى.
السؤال الرئيس، والذي سيكون محور النقاش في المقالات المقبلة: هل فعلاً هذه المكاتب بأسمائها العريقة في مجال المحاماة تقوم بالدور نفسه في السوق السعودية؟ هل فعلا المكاتب التي يطلق عليها the Magic Circle (الدائرة السحرية) في لندن إن صح التعبير تعد كذلك في الرياض؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي