التنافسية.. حقيقتها!
انقضى أسبوع حافل قادته هيئة الاستثمار، سَلط فيه نخبة من علماء واقتصادي وإداري العالم الضوء على موقع هذا الوطن على خريطة العالم الاقتصادية الجديدة وكذلك على منطقة الخليج على وجه العموم ، وإن ما سمعناه أو قرأناه على اختلاف وجهات النظر يؤكد أن هذا الوطن خصب وقادم إلى مرحلة جديدة ضمن قيادات الاقتصاد العالمي وعلى قدر ما نحن شغوفون بما قيل ومتطلعون في ذات الوقت إلى هذه الحقبة الجديدة التي تحمل في جعبتها خيراً كثيراً بإذن الله من خلال تنافسيتـنا مع الغير، ويبقى سؤال مهم هو ماذا عن تنافسيتـنا مع أنفسنا كوطن وأفراد؟ وماذا أعددنا لذلك؟ فهل التنافسية هي أن نكون الأفضل والأغنى والأقوى أفراداً أو شركات (أقرب ما تكون إلا أنها تصارع فيما بينها!) وهذا من وجهة نظري هو حقيقة ما حذر منـه المصطفى عليه الصلاة والسلام حين قال (فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تُبْسَط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوا فيها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم وفي رواية: فتلهيكم كما ألهتهم.) أو هي تطوير الذات وطناً وأفرادا لنكون دوماً أفضل مما نحن عليه؟ ولأصدق مع نفسي ومعكم أرى أنها الأخيرة.
ففي خِضم الأحداث الأخيرة التي أظهرت مشاكل في البنية التحتية واختلالاً في المواصفات الموضوعة، ألا يجدر بنا أن نراجع تلك المواصفات والنظر إليها ليس من ناحية التكلفة فحسب بل أن ننظر إليها بعين القيمة المضافة والتي تشمل عدة أُطر منها التكلفة والجودة والضمان والخدمة المرجوة من تلك البنية، ليس فقط على مشاريع الدولة بل حتى تلك المشاريع التي يقوم بتطويرها أفراد وشركات.
لقد بات المستهلك اليوم يعرف ماذا يريد ولديه كافة السُبل لقياس ومقارنة المعروض بما يمكنه الحصول عليه سواء من خلال معايير محلية أو دولية، ورغم أن الحديث دوماً حول القوى الشرائية إلا أننا بذات الوقت نعرف أن ليس الكل لديه القوة الشرائية التي تسمح له بشراء مسكن وأقصد بذلك نقداً إلا من خلال تمويل شخصي أو قرض أو رهن عقاري وبالتالي فإن فرق القيمة من خلال خلق منتج ذات قيمة مضافة ليس من الصعوبة بمكان من حيث إيجاد المستهلك، حيث بات المستهلك اليوم يعرف كيف يوازن بين السعر والقيمة لأن المنتج اليوم وأقصد السكني أصبح تملكه حُــــــــــلماً.
وعلينا أن نعرف أن المنتج ليس في الوحدة ذاتها بل بكافة الخدمات المحيطة والتي تساند تلك الوحدة وبالتالي تلك العائلة التي رغبت اقتناء المنزل وكل ما هو محيط به من خدمات. وعطفاً على موضوع التنافسية وربطها من خلال المنتدى بالاستدامة لماذا يتعارك المطور مع الأمانات والبلديات لتحقيق أدنى المطلوب بدلاً من أن يسعى لأدني الكمال؟! وبالتالي ينافس ذلك المطور نفسه في مشروعه الآخر من حيث الجودة والخدمات، أليس جديراً بنا أن نتعامل في جُل ما تقع يدنا عليه من أعمال أو مهام أن نضع مفهوم التنافسية الذاتية ضمن قيمنا التي نعمل بها، أليس من الأولى استدامة الشخص أو الشركة من خلال الأعمال أو المنتجات حتى بعد زوال الشخص أو انتقالها هو المطلب وبالتالي أن يكون شخص ينافس ذاته بذاته أو شركة تنافس ذاتها بذاتها لتتحول إلى قيادة فكر ونهج ومعايير يحتذى بها. لماذا لا يكون عملنا مبنياً على قيم مستمدة من تعاليمنا وأولها العمل بذمة وضمير، أليس هذا ما دعا إليه ربنا عز وجل (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون).
قد أكون سلطت الضوء على التطوير العقاري والبنى التحتية من باب التخصص إلا أن ذلك نهج حريٌ أن يطبق في كل شيء.