أفضل 3 أخبار عن المناخ لم تحظ بالاهتمام الكافي في 2024
الطاقة الشمسية تتجه للانتعاش ومبيعات السيارات الكهربائية سترتفع بأوروبا وتزايد الاعتماد على الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء
تتقلب دوماً أحوال متابعي تحول الطاقة ما بين الأمل واليأس، فكل خبر متفائل -مثل ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية الصينية أو الانخفاض القياسي في أسعار ألواح الطاقة الشمسية- يقابله آخر متشائم، سواء كان مؤتمر مناخ لم يكن على المستوى المأمول، أو استمرار الاستثمار الكبير في النفط والغاز.
مع ذلك، غاب عدد من أهم التطورات المرتبطة بالمناخ خلال 2024 عن العناوين الرئيسية تقريباً، واستعرضنا 3 أخبار سيئة لم تحظ بالاهتمام الكافي أمس.
وفيما يلي 3 توجهات متفائلة ربما لم تلاحظها قد تتجلى بشكل أكثر وضوحاً خلال 2025.
انتعاش الطاقة الشمسية بعد عام من التحديات
كان العام الماضي حافلاً بالتحديات أمام الشركات الصينية التي تهيمن على قطاع الطاقة الشمسية، فأدى التعجل في إنشاء خطوط إنتاج جديدة إلى تجاوز الإنتاج للطلب الحالي بفارق كبير، ما أفضى إلى انخفاض الأسعار وتكبد جميع الشركات تقريباً خسائر. حيث يُتوقع أن تبلغ خسائر الشركات الست التي تسيطر على القطاع نحو 15 مليار يوان (2.1 مليار دولار) هذا العام، وفق متوسط تقديرات المحللين التي جمعتها "بلومبرغ".
مع ذلك، يبدو أن الأوضاع ستتحسن في 2025، فبعد التحديات التي واجهوها في 2024، يعتزم اللاعبون الكبار خفض الإنفاق الرأسمالي، بينما ستوقف الشركات المصنعة صغيرة ومتوسطة الحجم نشاطها، ما سيؤدي إلى تراجع الإمدادات في السوق.
لذلك يبدو أن الصناعة، التي تشتهر بطابعها الدوري تقترب من نقطة تحول أخرى، إذ تتوقع "بلومبرغ إنتلجنس" أن ترتفع الإيرادات 25% خلال 2025، وتشير توقعات المحللين إلى أن صافي أرباح الشركات الـ6 الكبرى قد يبلغ 11 مليار يوان على مدى العام بأكمله.
نمو مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا
تراجعت مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا هذا العام، وانخفضت 9% خلال الربع الثالث مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وأثار ذلك مخاوف من تشهد المنطقة تباطؤ التحول إلى استخدام المركبات الكهربائية، مثلما حدث في الولايات المتحدة، لتتراجع بفارق كبير عن الصين، حيث تمثل السيارات القابلة للشحن الخارجي نصف مبيعات المركبات الجديدة.
لكن الأمر لم يُحسم بعد، فبداية من 2025، ينبغي أن ترتفع مبيعات السيارات المستخدمة في الأساطيل في الاتحاد الأوروبي بمتوسط 15% مقارنة بمستواها في 2021، وهو هدف تسعى الشركات المصنعة إلى تحقيقه من خلال تحفيز إقبال المستهلكين عبر مجموعة مثيرة من الطرازات الجديدة التي تعمل بالبطاريات.
ومن المقرر طرح عدد من التصميمات المميزة الجديدة العام المقبل، بدءاً من النسخ الكهربائية من طرز "رانج روفر" و"بورشه بوكستر" و"أودي آر إس" ووصولاً إلى "فولكس واجن آي دي تو أول" -النسخة الكهربائية من طراز "غولف" باسم مختلف- و"فورد كابري" الكهربائية، التي تحمل نفس اسم الطراز الأصلي ذي البابين الذي يعمل بالبنزين وتختلف في كل شيء آخر عنه تقريباً. كما تعتزم علامة "داسيا" (Dacia) التجارية التابعة لشركة "رينو" (Renault) طرح سيارة صغيرة بسعر منخفض للغاية في الأسواق، وكل ذلك إضافة إلى مجموعة من السيارات المستوردة من الصين التي يُرجح أن تنجح في تخطي الحواجز الجمركية الجديدة التي فرضها الاتحاد الأوروبي.
تتوقع "بلومبرغ إن إي إف" أن يبلغ حجم مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا 3.2 مليون وحدة خلال 2024، بارتفاع 2% فقط عن العام السابق، لكن هناك احتمالاً كبيراً لأن تشهد المبيعات نمواً ضخماً خلال 2025، وقد تتجاوز 4 ملايين مركبة في نهاية المطاف.
تزايد الاعتماد على الطاقة المتجددة
لا يحتاج تشغيل مزرعة رياح أو طاقة شمسية لشراء أي وقود، لذا تكمن المفارقة في أن السنوات الماضية شهدت عدداً من أعلى مستويات أسعار الجملة للكهرباء في التاريخ، ويرجع ذلك إلى الطريقة الغريبة التي تعمل بها سوق الكهرباء عادةً، إذ تعتمد على مناقصات تُجرى دقيقة تلو الأخرى، حيث تحدد المولدات التي تستخدم الوقود الأعلى تكلفة السعر العام اللازم لتلبية احتياجات الشبكة.
من الناحية التاريخية، طالما كانت هذه المولدات هي توربينات الغاز، كما أن الارتفاع المستمر لأسعار الميثان منذ حرب روسيا على أوكرانيا في 2022 أدى إلى بلوغ مستويات الأسعار ذروات يومية، تجاوزت في معظم الأوقات عتبة 10 دولارات للكيلووات/ ساعة.
هناك مقولة قديمة تفيد بأن "ارتفاع الأسعار هو علاج ارتفاع الأسعار" (بمعنى أن ارتفاع السعر يؤدي إلى زيادة الإنتاج وبالتبعية وفرة المعروض وانخفاض السعر)، وهذا ما يحدث في الفترة الحالية، حيث بمقدور بطاريات أيون الليثيوم أن توفر ذروة القدرة بشكل أكبر وبتكاليف أقل من الغاز، وهناك موجة من المنشآت الجديدة، في ظل جهود المستثمرين للاستفادة من فرصة فروق الأسعار.
تتصل شبكتا الكهرباء في تكساس وكاليفورنيا ببطاريات تولد نحو 11 جيجاوات، وهي قدرة كافية لتزويد المجر بالكهرباء لمدة 12 شهرا. ويبدو أن ذلك أبقى الحد الأقصى للتكاليف عند مستوى أقل مقارنة بالسنوات السابقة. ومع استمرار انخفاض تكلفة البطاريات، ربما يقل عدم الاستقرار في شبكة الكهرباء الذي سبب القلق في السنوات الماضية.
توقعات سابقة
أعددنا العام السابق قائمة مشابهة بالأخبار التي لم تحظ بالاهتمام الكافي. والتزاماً بالنزاهة، لنر مدى تحقق هذه التوقعات.
ارتفاع استهلاك الفحم لأعلى مستوى: عندما شنت روسيا حربها على أوكرانيا، وأصدرت الصين أوامر لشركات التعدين باستخراج مزيد من الوقود الصلب، ظهرت موجة من عناوين الأخبار حول احتمال "العودة إلى الفحم"، وأشرنا إلى أن 2023 ربما يكون العام الذي يشهد ذروة الطلب العالمي على الفحم، إلا أن فرص تحقق هذا الاحتمال تتضاءل حالياً، إذا توقعت وكالة الطاقة الدولية ارتفاع الاستهلاك مجدداً خلال 2024، واستقراره نسبياً ما بين 2023 و2027.
وتشير بيانات التجارة والإنتاج والمخزون خلال نوفمبر في الصين، أكبر دولة مستهلكة للفحم في العالم، إلى أن حجم الاستهلاك هذا العام بلغ نحو 6.5 مليون طن متري، أي أعلى من مستوى 2023 بنسبة 0.1% فقط، إلا أن هناك فرصة ضئيلة لحدوث الانخفاض الكبير اللازم.
انتعاش طاقة الرياح: واجهت طاقة الرياح سلسلة من الأزمات قرب نهاية 2023، ما أدى إلى ظهور مزاعم محمومة بوجود مشكلة في نموذج الأعمال بأكمله. إلا أن الوضع مختلف، إذ تفوقت الأسواق النامية مثل الصين وأميركا اللاتينية وآسيا في الأداء على أوروبا والولايات المتحدة.
أما على الصعيد العالمي، فستبلغ القدرة المولدة من المزارع مستوى قياسياً عند 124 جيجاوات هذا العام، بحسب "بلومبرغ إن إي إف"، وقد رفعت توقعاتها للقدرة التوليدية الجديدة ما بين 2024 و2030 بإجمالي 151 جيجاوات، ما يمثل ارتفاعاً 16% عن 12 شهراً السابقة.
تعادل أسعار السيارات الكهربائية والتقليدية: ربما يصعب تصديق ذلك حالياً، لكن مصدر القلق الأكبر إزاء المركبات الكهربائية في 2023 كان أن يحرمها الارتفاع الكبير في أسعار المواد الخام من القدرة على منافسة أسعار السيارات التي تعمل بالبنزين خلال السنوات المقبلة، إذا تمكنت من ذلك في الأساس.
أما الواقع، فإن الخبر المهم في 2024 كان أن هبوط أسعار بطاريات أيون الليثيوم أدى إلى انخفاض كبير في تكلفة إنتاج السيارات الكهربائية الصينية، لدرجة دفعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لفرض حواجز جمركية بهدف حماية نفسيهما. تعادل الأسعار حدث بالفعل، فمتوسط سعر بطاريات السيارات الكهربائية حالياً أقل من 100 دولار للكيلووات، نقطة التحول التي كثيراً ما يُشار إليها على هذا المقياس.
ماذا نتوقع؟
لطالما انطوت جهود تجنب التغير الكارثي في المناخ على تقدم كبير، وبعض الانتكاسات أيضاً، رغم ذلك، هناك كثير من التوجهات المتفائلة، يمكنك رؤيتها بإمعان النظر في ما يتجاوز عناوين الأخبار المقلقة. ورغم التشاؤم الذي يخيم على الوضع حالياً، فإن عملية التحول إلى اقتصاد عالمي يعتمد بشكل أكبر على الطاقة النظيفة لم تتراجع حتى الآن.
خاص "بلومبرغ"