الوطنية نعلمها.. ونتعلمها
سؤال دار في ذهني وأنا أراقب «آمال»، فهي امرأة مصرية من جذورها وأعماقها يجري في عروقها بلدها مصر بلا حدود لتراب بلدها. غادرت وطنها للبحث عن لقمة العيش والبحث عن فرصة عمل. جاءت آمال إلى بلادي تحمل الآمال؛ ورغم انهماكها وإنهاكها في عملها تحمل ثلاثة الحروف التي تتكون منها بلادها.
«م. ص. ر».. فوز فريق مصر بكأس إفريقيا جعل آمال في حالة انتشاء وفرح؛ فمصر بالنسبة لها وطنها، حتى ولو بعدت عنه جسديا، لكنها لم تبعد عنه روحيًا.
كلنا نعرف أن الغربة لها ثمن يجب أن يدفعه المغترب، وفاتورة هذا الثمن واضحة ومعروفة لكل من عاصرها.
احتفلت آمال بطريقتها في مكان عملها تسمرت أمام التلفاز، تتفاعل مع الأغاني الوطنية. مرة تصرخ وتشجع فريق مصر، وبقيتُ أراقب هذه الوطنية عن بعد.
إنه الانتماء التي عجزت عنه كتب التربية والمقالات والمحاضرات والمخطوطات الوطنية لترسيخه.
أعرف أن عوامل متعددة تتراكم لتخلق الوطنية، لكن ما تلك العوامل؟
أعتقد أن أهمها العامل الأسري كأنْ ينشأ الإنسان في أسرة تتسم بحب تراب الوطن ورائحته ومائه وهوائه وأرضه وسمائه.
منذ عهد الصبا في مدينتي المباركة «مكة» نشأت في أسرة تسرد جدتي - رحمها الله - علينا حكايات عن اتحاد المملكة العربية السعودية بشوق وحميم.
علينا كمؤسسات ثقافية وإعلامية إشاعة الفكر الوطني وإثراؤه وأن لا تكون حكرا على النوادي الرياضية.
وتقتضي الأمانة القول: إنه ليس وراء كل مواطنة وحب للوطن أسرة أسهمت في صناعته على هذا النحو، فالواقع يشير إلى أن بعض هذه الأسر أسهمت - من حيث تدري أو لا تدري - في صناعة المواطنة.
لقد كانت دموع آمال تعبيرا صادقا عن مدى الارتباط بالأرض والوطن والناس.. ولم يكن لحسابات الفوز والخسارة في المباراة هنا أي دخل، وإنما هو حب الوطن لبلدها وأهلها وأصدقائها ومحبيها.