لماذا قفزت ثروة أصحاب الثروات بمستويات قياسية في 2024؟
على الرغم من الصدمات الاقتصادية والجيوسياسية التي ضربت العالم في 2024. إلا أن الأثرياء في العالم كانوا في معزل عن تلك الصدمات، وبالعكس فقد قفزت ثرواتهم لمستويات قياسية. فقد أدت الطفرة التي شهدتها أسواق الأسهم وبالأخص المرتبطة بالتكنولوجيا، بجانب الارتفاع القياسي في أسعار المعادن مثل الذهب والفضة. إضافة إلى صعود نجم قطاع العملات المشفرة مع تحقيقها مستويات نمو غير مسبوقة خلال العام.
وفقًا لتقرير منظمة أوكسفام "Oxfam" فقد قفزت ثروات أصحاب المليارديرات في العالم خلال 2024 بنحو 2 تريليون دولار لتصل إلى 15 تريليون دولار. محققة زيادة بـ 3 أضعاف مقارنة بعام 2023، وبمعدل ثروة تراكمي يومي وصل إلى 5.7 مليار دولار. وخلال نفس العام ارتفع عدد المليارديرات 7.9% مقارنة بعام 2023 ليصل إلى 2.77 ألف ملياردير.
جميع الصدمات التي ضربت العالم خلال السنوات الأخيرة تحولت إلى فرص للأثرياء. فقد دفع التضخم المرتفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى تحريك أسعار الفائدة من مستويات منخفضة تقترب من الصفر في الولايات المتحدة إلى أكثر من 5%. دفع ذلك الأثرياء لتوجيه جزء من استثماراتهم إلى السندات الحكومية بهدف تحقيق عوائد أعلى دون تحمل مخاطر.
الزخم العالمي حول قطاع التكنولوجيا أدى إلى طفرة في أسواق الأسهم وبالأخص في الولايات المتحدة. فخلال العام الماضي صعد مؤشر "ناسداك" 28.6%، مدعومًا بالأداء القوي لشركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات. بينما صعد مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" بنسبة 23.3% خلال الفترة نفسها. وقد انعكس النمو في أسواق الأسهم بشكل مباشر على حجم الثروات. التوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم سواء في منطقة الشرق الأوسط أو مع استمرار الأزمة الروسية الأوكرانية كان لها دور أساسي في دعم الأثرياء. حيث أدت إلى ارتفاع الطلب على الملاذات الأمنة وفي مقدمتها الذهب وهو ما أدى إلى ارتفاع الأسعار خلال 2024 بمستويات قياسية. فقد ارتفعت أسعار المعدن النفيس بنسبة 25.5% خلال 2024، محققًا أفضل أداء خلال 14 عاما. أسهم ذلك في تعزيز حجم الثروات وذلك لتشكيل الذهب جزء مهم من محفظة أصحاب الثروات في العالم.
2024 كان استثنائيًا لأثرياء العملات المشفرة. فبعد سنوات من التخبط في الصناعة بسبب المشاكل التنظيمية. جاء العام الماضي ليكون نقطة انطلاق جديدة، ففي بداية العام وافقت هيئة الأوراق المالية والبورصات في الولايات المتحدة على إنشاء صناديق بتكوين المتداولة، في خطوة عززت من شرعية تداول العملات المشفرة. وفي نهاية العام نجح دونالد ترمب المؤيد لصناعة العملات المشفرة في الانتخابات الأمريكية. أدى ذلك على قفزة في أسعار مختلف العملات وفي مقدمتها بيتكوين أهم العملات المشفرة التي ارتفعت بنحو 125% خلال 2024 ليتجاوز سعرها مستويات 100 ألف دولار.
توقعات 2025 متفائلة بشكل كبير للأثرياء، فمن المتوقع أن تستمر أسواق الأسهم في الارتفاع مع تزايد الزخم حول قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وبالأخص في ظل التنافس العالمي. وفي ظل استمرار الاضطرابات الجيوسياسية وارتفاع حدة النزاعات التجارية مع اتجاه البنوك المركزية لخفض أسعار الفائدة فأن أسعار الذهب ستأخذ منحنى تصاعدي خلال العام. وهو ما ينطبق على العملات المشفرة التي اكتسبت شرعية أكبر بين الأوساط الاقتصادية والمالية مع دخول ترامب للبيت الأبيض.
ختامًا فقد كان أصحاب الثروات أكثر الرابحين من التطورات العالمية منذ اندلاع جائحة كورونا وما تبعها من صدمات اقتصادية وجيوسياسية. مع توقعات بأن تستمر تلك الثروات في النمو خلال الأعوام المقبلة معتمدة بشكل أساسي على قوة أسواق الأسهم بقيادة قطاع التكنولوجيا. وزخم العملات المشفرة المتوقع استمراره في ظل ارتفاع أعداد الداعمين في الأوساط المالية والاقتصادية الرسمية، مع احتفاظ الذهب بمكانته كملاذ أمن بفضل الطلب المرتفع سواء من الأفراد أو الحكومات.