نموذج النقل الداخلي الغائب

لا يزال النقل الجوي الداخلي بعيدا عن اهتمام هيئة الطيران المدني والشركات مقدمة الخدمة, وهي الخطوط الجوية السعودية وشركتا (ناس) و(سما). هناك عديد من المؤشرات التي تدل على عدم الاهتمام بهذا القطاع الحيوي الذي يمتلك عديدا من القيم المضافة كصناعة السياحة والمدن الجامعية والصناعية الجديدة. من المؤشرات بقاء جداول عديد من الرحلات الداخلية كما هو منذ عشرات السنين, ولم تطلق ''السعودية'' مبادرات تطوير جداول الرحلات الحالية سعيا نحو كسب مزيد من الزبائن، قد يكون السبب أن تلك الرحلات غير تجارية من واقع قدرة ''السعودية'' العملياتية الحالية وكونها ملزمة برحلات معينة لتلك المناطق والمدن. لا أعلم إن كانت ''الخطوط السعودية'' قد قامت في السابق بعمل دراسة مسحية على المسافرين لمعرفة مواعيد الرحلات المفضلة لهم بين الوجهات التي يسافرون عليها، سعيا نحو تطوير الجدول الحالي لزيادة أعداد المسافرين ومن ثم عوائد الرحلات الداخلية. فعلى سبيل المثال الرحلة اليومية الوحيدة بين الرياض والقريات، منذ عشرات السنين وهي تنطلق من الرياض في الصباح الباكر، فهل ترى ''السعودية'' أن توقيت هذا المسار بناء على نظرة تجارية أم أن هناك أسبابا أخرى كجدول الرحلات الأخرى التي تخدمها الطائرة بعد عودتها من هذه المحطة؟ ''الخطوط السعودية'' لديها قصور أيضا في الدعاية والتسويق للرحلات الداخلية, خاصة في أوقات غير المواسم وكأنها ترى أنه لا مجال لتنشيط السفر الداخلي وزيادة العوائد من رحلاته. مع العلم أن هناك حجما لا يستهان به من الزبائن الذين يفضلون الرحلات الجوية لو كانت هناك مرونة وعروض تسويقية كالرحلات بين الرياض والمدينة، والرياض والدمام، والرياض وجدة على مدار الأيام وفي الأشهر كافة. كما أن الأمر لا يحتاج إلى معجزة لإدخال طائرات بنظام الإجارة من فئة الطائرات النفاثة الحديثة ذات السعة المقعدية القليلة وهي (30 - 50 مقعدا), فتلك الطائرات تتميز بالمرونة التشغيلية العالية, وهي الأمثل للوصول إلى نموذج تجاري ربحي مع الوفاء بخدمة المطارات ذات كثافة السفر الصغيرة. كما أنه يمكن تشغيلها في رحلات ترددية دولية داخل الأسبوع لزيادة التفاعل مع جداول المسافرين اليومية المختلفة بدلا من استخدام طائرات (بوينج 777) العملاقة للرحلات الدولية الإقليمية وثلاثة أرباع مقاعدها شاغرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي