حِرْفة الكتابة
لم تكن عضوية مجلس الغرفة التجارية زادا لي يوما ولا متاعا، ولم أكن أفكِّر يوما فيها، ولو على بساط الحلم، لكني ألفيت نفسي مع تعييني في مجلس غرفة جدة بادئ الأمر؛ لأنني لم أكن مقتنعة بمقدرتي على خوض تجربة الغوص في عمل الغرفة؛ لأن أعضاء مجلسها يحملون الخبرة التي تفوقني، وكان هناك أمر آخر عانيت منه بادئ الأمر – أيضا - وهو أن «عشقي للحرف» أمر لا أتنازل عنه أبدا، وأحلام لم يعفِها الزمان، ولن يعفَّ عنها، وأوجست خيفة على مقالي الأسبوعي من أن مهام الغرفة تسرقني منه. أما قصتي مع الحرف فكنت أحسب أني أتقن صناعته، لكن أخي الدكتور إبراهيم نتو الذي دائما يوجهني، ويصحح لي حروفي أشعرني من خلال التوجيه والتصحيح أننا في حاجة إلى التدريب وإعادة التدريب، فبدأت باكورة أعمالي في الغرفة التجارية بمباركة من رئيسها وأعضاء مجلسها ووزير الإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة بالاهتمام بالحرف، وهي «دورات في أساسيات الكتابة» لمنسوبي الإعلام مجانا إذ تهدف إلى تدريب وتأهيل الكوادر الإعلامية في المملكة، وذلك على كافة المستويات، وأزعم أنها زادي وإنتاجي حتى مغادرتي لبيت التجارة، وربما يتحقق أحد أحلامي في مركز غير ربحي تتبناه الغرفة يقدم الدورات على مدار العام.
نحن مطالبون بتفعيل نعمة العقل في كل مجالاتنا دون استثناء.
ثم إن الابتعاد عن صناعة الحرف شيء سقيم ومخيف سيؤدي في الأخير إلى تدهوره؛ فابتعادنا عنه سيؤدي إلى ابتعاده عنا. فيجب أن تكون لنا الثقة بأنفسنا وبقدرتنا على المواجهة والتعلم والتدريب، ولا بد من العودة إلى الفصول الدراسية، وألا نصر على انفرادية عقلنا.
وأضيف أن الأفكار بكثرتها لا تصنع في النهاية حرفا رفيعا إلا إذا تمت مساندتها بعدد من الأدوات الأخرى لفن الحرف. فالأفكار دائما متاحة متشابهة ومختلفة، والذي يملك موهبة الكتابة وموهبة التقصي لن يعجز عن إيجاد فكرة لكتابتها بعد تدريبه ومساعدته.