الاعتراف بالإيراد في ظل الأزمة العالمية (1 من 2)

يعتقد كثير من الناس أن الإيراد يمثل المبالغ النقدية المدفوعة مقابل الحصول على السلع والخدمات، وهذا الانطباع صحيح 100 في المائة في شكله وبساطته، ولكن مع الأسف الشديد أن هذا النموذج لا يمثل إلا نسبة بسيطة من نماذج الأعمال، حيث يحدث أن تباع البضائع وتقدم الخدمات دون الحصول في مقابلها على نقد، ويحصل أيضاً أن يقدم النقد قبل تسليم البضائع وتقديم الخدمات، أو أن الخدمة أو تسليم البضائع يتم على مراحل يصعب تحديدها، وهنا تكمن مشكلة الإيراد برمتها، ولقد تمت معالجتها خلال العقود الماضية مهنياً ومن خلال معايير المحاسبة أن يتم الاعتراف بالإيراد عندما يتحقق شرطا الاكتساب والتبادل بمعنى أن هناك وعداً بالدفع حالاً أو مستقبلاً من العميل وكذلك وعداً من الوحدة بتوفير السلع والخدمات. وعلى الرغم من بساطة أنموذج تحديد الإيراد وقياسه والاعتراف به، إلا أن تطبيقه على أرض الواقع واجه مشكلات عملية عديدة، وكانت هناك مئات الاستثناءات على هذا النموذج المبسط، فعلى سبيل المثال هناك ما يقارب 200 إجراء تعديلي للنموذج صدر من FASB (مجلس معايير المحاسبة المالية الأمريكي) منذ إنشائه على تحديد الإيراد وقياسه والاعتراف به، كل منها يخص قطاع أعمال معينة، كما أن هناك أيضاً استثناءات كثيرة لهذا النموذج في معايير جميع دول العالم سواء محليا أو دولياً، وترجع العلة في ذلك إلى أنه حتى الآن لم يتم تحديد (إجراءات ووقتية الاعتراف بالإيراد)، فعلى سبيل المثال:
- هل يتحقق إيراد عائد الرهن العقاري فوراً حال إعادة بيعه؟ أم يوزع على سنوات القرض؟ وهذا من أهم أسباب الأزمة المالية.
- هل الإيراد لشركة الاتصالات يتحقق ببيع البطاقة أم يتحقق عندما يستخدمها العميل؟ أو يتحقق تدريجياً عند استخدام العميل للبطاقة.
- وهل الإيراد لناد رياضي مثلاً عند إصداره بطاقة عضوية لمنتسبيه مدفوعة مقدماً وغير قابلة للإلغاء يتم حال دفع رسوم العضوية، أم يتم تأجيله لحين انتهاء مدة العضوية؟
- هل يتم الاعتراف بالإيراد الناتج من الأتعاب المقدمة من العميل المقرض حال توقيع العقد، أم يتم توزيعها على سنوات القرض؟
- وهل إيراد الضمان على السيارة المشتراة إذا كان محدداً ومعرفاً عن السعر إيراد حال بيع السيارة، أم لا بد من الانتظار لحين انتهاء فترة الضمان؟ وهل عمولة شركات السياحة يتم تحققها حال بيع تذاكر الطيران، أم يتم تأجيلها لحين استخدام تلك التذاكر؟
مئات الأمثلة التي يمكن ضربها من الواقع العملي والتي تفيد أنه لا يوجد تحديد دقيق لإجراءات الاعتراف بالإيراد بمعنى "متى" وتتضارب المعايير المصدرة، وجميعها تعتمد على طبيعة أنموذج الأعمال، وجلها تقديرية وتوافقية، ولا تعتمد على أساس نظري علمي يمكن تحققه والمدافعة عنه لا فكرياً ولا عملياً .. نعاود الأسبوع المقبل لمناقشة الحل المقترح بعد دراسة أبعاد الأزمة العالمية وانكشاف المستور، وعجز النماذج الكلاسيكية لقياس الإيراد والله أعلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي