الغرف التجارية.. من الأحق بالترشيح؟

مازال السعوديون ينظرون إلى الغرفة التجارية كأحد أبرز صناع منظومة (القطاع الخاص)، حيث لعبت دورا محوريا في نقلة المجتمع من الفكر الحكومي البطيء إلى مذهب القطاع الخاص الديناميكي حتى غدت المناطق السعودية محجاً لقوافل المستثمرين. كانت هذه التجربة في مستهلها موضع استياء انقلبت لاحقا لتكون أنموذجا انسحب على القطاعات الأخرى حين ظهرت ملامح التغيير وبدأت تثمر سياستها في الحراك الاقتصادي.
لم يكن ذلك فحسب، بل إن الغرف ونظامها أسهم منذ عقود طويلة في بناء صناعة الانتخابات وتوطينها لتكون السباقة في ذلك حين كانت متمسكة بمشروع بناء فكر ونهج يعتمد على المبادرة والإنتاج والاعتماد على الذات ومنح الجمهور الفرصة لاختيار من يراه مناسباً.
للأسف أن هذه الصورة النمطية الفاضلة التي بنيت عبر عقود من الزمن للغرفة التجارية يتم تشويهها ببعض الخطوات التي كانت تحتاج إلى دراسة أعمق وقراءة للواقع من زاوية أخرى قبل الشروع فيها، فبالأمس انتهت انتخابات اللجان الفرعية في إحدى الغرفة التجارية والتي دار حولها بعض التساؤلات حيال شروط المتقدمين وطريقة الاقتراع، لقد كان الهدف هو خدمة القطاعات في المنطقة من خلال هذه اللجان وعليه يفترض في المتقدمين أن يمثلوا نخبة القطاع أو على أقل تقدير يكون هناك أعضاء يتم اختيارهم بالتعيين بجانب الأعضاء المنتخبين حتى يتم ضمان جدوى الاستمرار بمثل هذه اللجان.
فمن يصدق أنك تستطيع أن تصبح مرشحاً بمجرد أن يكون لديك سجل تجاري منذ ثلاث سنوات أو لقريب لك يمنحك خطاباً على أنك المدير العام فيما لايستطيع أحد التنفيذيين في شركة لها عقود من الزمن في القطاع نفسه وتعتبر أحد الرواد فيه للترشح لا لسبب إلا أنه ليس مديرها العام حتى وإن كان ممثلها بطلب رسمي من الشركة.
إن هذه الآلية تمنح إشارة إلى أن الانتخاب يجري بناء على المسمى الوظيفي لا على القدرة في منح قيمة مضافة للعملية الاقتصادية في البلد من خلال ثقل المنشأة وخبرتها في القطاع التي يجب أن تفعل بالشكل المناسب حتى تكتسي ثوب المنفعة العامة لا المسميات فقط وحتى لاتصبح انتخابات الغرفة مضغة في حلوق المتندرين.
كما أن آلية الاقتراع تبدو بدائية إلى حد ما من خلال عدم منح المقترعين الفرصة للاطلاع على السير، الذاتية للمرشحين ومعرفة خلفياتهم وتاريخهم المهني والتي بلا جدال قد تؤثر في عملية انتقاء المرشح، فليس من حق المقترع إلا أن يطلع على أسماء المرشحين فقط وقد يختار من بينهم من يسمع به للمرة الأولى وبالأخص متى ماكان عدد المقاعد أعلى.
إن الهدف الأساسي من الانتخابات ومن اللجان الفرعية على حد سواء هو الاستفادة القصوى من الخبرات لدى الأعضاء في تطوير القطاعات من خلال خبراتهم ونقل هموم المنشآت إلى صناع القرار في سبيل إيجاد حلول للعقبات التي يواجهونها.
إن هذا المطب لايمثل خروجاً للغرفة من نسق التطوير ولكن نعتبره كبوة الجواد التي نأمل أن يتم يتداركها في الانتخابات القادمة حتى تعم الفائدة.
وأعلم حجم طموحهم وهم الوطن في صدورهم ولذلك نوجه لهم عتاب المحب لتحاشي خطوة قد تأخذنا إلى الوراء قليلاً. مازلت من المراهنين على أن الغرفة التجارية ونظامها كان من عرابي الفكر الجديد الذي قاد ومازال يدير رحى عملية تغيير شامل وتطوير متجدد للحراك الاقتصادي في المملكة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي