دراسات مسيسة .. وجوائز الرفوف

قبل أسبوعين تقريبا اعترفت شركة بوز آند كومباني حسبما ذكرت وزارة العمل السعودية بأنها وقعت في خطأ عندما أصدرت دراسة قالت فيها إن هناك 100 عاطلة عن العمل في السعودية ممن يحملن شهادة الدكتوراه، وبينت أنها استقت معلوماتها من خبر نشر بموقع إلكتروني لا من مصدر رسمي, ومن غير الممكن أن يتقبل استاذ في الجامعة خطأ كهذا من طالب مستجد أعد بحثا أو دراسة وكان مصدره غير رسمي فكيف بشركة عمرها يتجاوز الـ 95 عاما، حيث تأسست عام 1914 م ولديها 3300 خبير ومهني متوزعين على 59 مكتبا حول العالم، وتقدم نفسها للجميع على أنها شركة عالمية رائدة في مجال الاستشارات الإدارية تقدّم الدعم للشركات العالمية الكبرى، والحكومات، والهيئات والمؤسسات", لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تغتفر لـها زلة كهذه لأنها ستنعكس بلا شك عليها مستقبلا في أي دراسة ستصدرها الشركة، بل إن الكثير سيشككون في دراساتها السابقة، وكان يجب أن تطالبهم وزارة العمل باعتذار عبر بيان موزع لوسائل الإعلام المختلفة.
للأسف في السنوات العشر الأخيرة كثرت الشركات المتخصصة بالدراسات والأبحاث وأخذت الكثير منها وبلا خجل توزيع دراساتها وأبحاثها التي تفتقد للدقة والمصداقية غير محترمة لاسمها وتاريخها, وكأن هذه الأبحاث موجهة لمصلحة جهات وشركات وقطاعات محددة, ولقد ساعدت وسائل الإعلام المختلفة هذه الشركات وغيرها بالتمادي من خلال السماح بتمرير أبحاثها السلبية وغير الواقعية وفرد مساحات واسعة لها بجهل مهني وبغير جهل دون أي مراعاة للأضرار التي تنعكس من جراء هذا النشر.
في منطقة الخليج وخلال السنوات الخمس الأخيرة احتضنت عدد من المدن النشطة اقتصاديا والزاخرة بالشركات العملاقة والشخصيات البارزة في عالم المال الكثير من شركات الأبحاث والدراسات، وأضم معها جهات توزع الجوائز الفردية والعامة في مختلف المسميات والفئات على شركات وقيادات ورجال أعمال دون أي أدوات تقييم واضحة, فطالت الشبهة الكثير من تلك الجوائز وأثرت في غيرها وكأنها لمن يدفع أكثر, ولو حاول أحد الاستفسار عن مصداقية هذه الجوائز عبر الجهات الرسمية المسؤولة فلن يستطع أن يحصل على إجابة لذلك، ولي تجربة مع عديد منها، فعند السؤال الجميع يمتنع عن الحديث حتى أنه لا يمكن أن يتم التعرف على الجهة المخولة بالموافقة على توزيع الجوائز المختلفة أو حتى وسائل التقييم لها.
في السعودية تحديدا احتفلت الكثير من الجهات الحكومية والخاصة، وكذلك فعلت الكثير من الشخصيات بعد تحقيق جوائز مصادرها إما موثوقة وإما غير ذلك، ويحق للبعض الاحتفال، ولكن غفل الباقون بأنهم أكبر من هذه الجوائز التي بحثوا عنها اعتقادا منهم أنها تنصفهم وتنصف تعبهم وتميزهم وقبلوها حتى وإن كان المصدر غير موثوق, وجيرها لهم لأهداف أخرى غابت عنهم أو غيبوها بحثا عن الإنجاز المزيف.
الإعلام أعتقد أنه مطالب بأن يكون أكثر دقة مع هذه الدراسات والأبحاث لأن الكثير منها تبدو وكأنها مسيسة لها أهدافها وعلى الجهات الحكومية والخاصة ورجال الأعمال والقيادات ألا تنجرف خلف جوائز فقط أهميتها تكمن بتزيين الرفوف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي