رؤية السعودية 2030 .. الحكاية لم تنته بعد

رغم الصعوبات والتحديات التي تواجه التنويع الاقتصادي بعيدا عن النفط كمصدر أساسي للدخل، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف استطاعت السعودية ترجمة رؤية 2030 إلى واقع ملموس يشعر بثماره المواطن والمقيم والمستثمر سواء المحلي أو الأجنبي؟

الجواب بسيط، فبعد مرور 9 أعوام على إطلاق الأمير محمد بن سلمان رؤية 2030 تحول الاقتصاد السعودي إلى خلية نحل وعمل حقيقية للتخلص من إرث طويل وصعب من الاعتماد على النفط بنسبة تفوق 90% إلى بناء اقتصاد لا يأبه بانتهاء عصر النفط في أي وقت.

ولي العهد السعودي الذي استلم قيادة دفة الاقتصاد عند توليه منصبه قبل 7 سنوات و10 أشهر، وبعد أن أصبح رئيسا لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية -المطبخ الحقيقي لصناعة القرارات والرؤى الاقتصادية لمستقبل البلاد- تبنى الأمير الشاب إصلاحات هيكلية للاقتصاد وتحديث الأنظمة والتشريعات الناظمة لأكبر دولة منتجة للنفط في "أوبك" بأدوات محلية وشراكات دولية فاعلة.

القرار الحاسم الذي اتخذته السعودية قبل 9 أعوام كان في تنويع الإيرادات والأنشطة الاقتصادية الداعمة للناتج المحلي، بالتركيز على قطاعات مهملة أو منسية في قاموس الدول التي تعتمد على مواردها الطبيعية، بداية من تطوير السياحة والخدمات اللوجستية لتنطلق إلى إحداث ثورة في قطاع التعدين وصولا إلى تحويل الرياضة إلى رافد إضافي للدخل.

تخلل هذه التغيرات في السعودية إعادة تعريف مفهوم الخصخصة ودور الدولة في الاقتصاد والتحول من مفهوم الدولة الريعية إلى دولة الإنتاج والريادة الصناعية، فأعادت هيكلة منظومة الضرائب والدعم لبعض السلع، لكنها لم تغفل منظومة الحماية والأمان الاجتماعي بالتركيز على أهم عنصر يحتاجه المواطن وهو السكن الكريم، حتى تعدت نسبة امتلاك السعوديين المساكن 65% وهو إنجاز صعب حتى في الدول المتقدمة، في الوقت الذي تعاني فيه دول المنطقة ويلات الاضطرابات الاقتصادية والسياسية.

اليوم بفضل رؤية السعودية 2030 أصبح القطاع غير النفطي يمثل أكثر من نصف الاقتصاد والقطاع الخاص 47% لأول مرة، وباتت 40% من الإيرادات الحكومية "غير النفطية" مقابل 27% في 2015. والحكاية لم تنته عند هذا الحد. فالإيرادات غير النفطية تجاوزت 500 مليار ريال في 2024 لأول مرة، وهذا -بعيدا عن لغة الأرقام- له انعكاسات مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد وغيَّر ملامحه، فقد أفسح المجال للقطاع الخاص لتولي زمام المبادرة خلق عدد أكبر من الوظائف، ما أسهم في خفض معدل البطالة إلى 7% في 2024 ليصل إلى مستهدف 2030 قبل الموعد بـ6 أعوام.

ختاما.. فتحت السعودية آفاقا عالمية لاقتصادها عبر رؤية 2030 مدعومة بالرقمنة وتعزيز دور التكنولوجيا في الإنتاج وحتى في الحياة اليومية، وإطلاق مدن ذكية مثل نيوم التي غيرت أبجديات مدن المستقبل نحو الحداثة والاستدامة البيئية.

رؤية محمد بن سلمان قصة نجاح تروى، ولها ما بعدها، فهي تؤسس لرؤية 2040 وهنا نتحدث عن عمل يواكبه طموح في تحويل السعودية والمنطقة بأكملها إلى أوروبا جديدة، ترسم ملامح حضارة تقول كلمتها.. والحكاية السعودية لم تنته تجلياتها بعد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي