جعل المهندسين أكثر ذكاء وشطارة
جامعة MIT تطرح برنامج قيادة متطورا لطلاب الهندسة تجعل الخريج أكثر قدرة على المبادرة، وتحمل المسؤولية، واتخاذ القرارات المناسبة، والمواجة، والإقناع، والمفاوضة، والقدرة على تحليل المخاطر وحلها.
دأبت جامعة ماساتشوستس (MIT University) الشهيرة والمعروفة بمعهد ماساتشوستس التقني، على التميز في جميع المجالات التقنية، وجعلت خريجيها من أميز المهندسين في العالم. من ضمن البرامج الإبداعية التي قدمتها لخريجيها من المهندسين، إنشاء برنامج تطويري جديد من شأنه تعليم المهندسين من الشباب التعامل مع البيئة المحيطة بهم بذكاء وحسن تصرف. هذا البرنامج يعطي المهندس الحديث التخرج قدرة على القيادة وتقييم المخاطر والمرونة واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب. تكلفة هذا المشروع 20 مليون دولار دُفعت عن طريق أحد المتبرعين من خريجي الجامعة.
هناك شكوى يشارك فيها عديد من المهنيين ورجال الأعمال ورؤساء المصانع والشركات بأن خريجي الجامعات المرموقة من المهندسين الأذكياء جداً لديهم قدرة عظيمة على حل المشاكل التقنية، ولكن لا يستطيعون حل مشاكل العملاء بطرق ذكية يغلب عليها الذكاء وحسن التعامل اللطيف والصبر على وجهة نظر العميل حتى عندما تكون خاطئة. كذلك لا توجد لديهم الخبرة الضرورية لحساب ميزانية المشاريع الكبيرة وتطبيقها على أرض الواقع، ولا يستطيعون إنجاز المشاريع في الوقت المحدد لقلة خبرتهم في الميدان. لذا قررت إدارة الجامعة الاستعانة بأحد الخبراء في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية من القوات الجوية الأمريكية الذي لديه أكثر من 35 عاماً خبرة في مجال العقود والصناعة، إضافة إلى المشرف على البرنامج في الجامعة، وهو برتبة أستاذ في مجال الملاحة الجوية، والهنسة الفضائية، وهندسة النظم.
لم يقتصر البرنامج على تدريب وتطوير مهارات المهندس فحسب، بل حرصت الجامعة على استقطاب أعضاء هيئة تدريس لديهم ممارسات عملية، وذوي مهارات وكفاءة علمية عالية، وخبرات عملية وتطبيقية في مجالات الفيزياء والهندسة، وخصوصاً في المجالات التقنية الجديدة مثل: ميكانيكا الكم (quantum mechanics)، وتقنية النانو (nanotechnology). لا شك أن هذا البرنامج مكلف، ولكن سوف تكون مخرجاته جيدة وواعدة، وقد أبرز هذا البرنامج في وسائل الإعلام، وشاركت المنظمات والجمعيات الطلابية في نجاحه عن طريق الدعاية والدعم، فقد استخدم بعض العبارات والجمل مثل: «مهندس اليوم يستطيع عمل ما تشاء وفق ما ترغب»، أو «طلاب اليوم يستطيعون عمل الأشياء وفق الآراء».
كانت تدار المشاريع في الماضي بطريقة هرمية ودون معرفة ما لدى أعضاء الفريق من إبداعات، أمّا بعد تطبيق النظام الجديد وذلك بخلق بيئة عمل تحاكي الواقع، والعمل كفريق واحد لإنجاز المشروع. فقد وجد أن بعض عناصر الفريق لديه القدرة الكبيرة على أن يكون مهندساً مبدعاً، والبعض الآخر لديه قدرات فائقة على إدارة المشاريع.
قام معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بتدريب المهندسين الكهربائيين على أجهزة مراقبة قلب الجنين fetal heart monitor، ومراقبة بعض المحولات عالية السرعة من إشارات تناظرية إلى إشارات الرقمية high-speed analog-to-digital converters، والتدريب على أجهزة أمن المطارات، والتدريب في الشركات المنتجة للأجهزة التصوير الطبية المختلفة. وقد تبرع أحد المواطنين بمبلغ كبير جداً لمساعدة الطلاب على التدريب. كذلك أسهمت بعض الجمعيات الخيرية في تطوير برنامج القيادة للمهندسين حديثي التخرج وصقل مواهبهم، كذلك شارك المهنيون وخبراء الصناعة، والأكاديميون، والعسكريون، وكبار السن في إنجاح البرنامج عن طريق المشاركة المباشرة - مشاركة مجتمعية - مع الجامعة. وقد صمم البرنامج بحيث يقضي المتدرب ما يقرب من 12 ساعة في الأسبوع مع المرشدين والمهنيين من أرباب الصناعة وعمالقة المهندسين.
كلف البرنامج في السنوات الماضية مبالغ مالية كبيرة تصل إلى 300 مليون دولار ولكن كانت النتيجة الحصول على مهندسين عندهم القدرة على المبادرة وتحمل المسؤولية واتخاذ القرارات المناسبة. كذلك استطاع مهندس اليوم كسب ثقة القطاع الخاص واستطاع المواجهة والإقناع والمفاوضة - في ظل عدم وجود الخبرة الميدانية الطويلة.