عمارة «أم خليل» والأنظمة المفقودة

سبق أن تطرقت في مقال سابق لي بعنوان (الإيجار قطعة من نار) لموضوع الإيجار، ولكن بوجود مستجدات كان لابد من مناقشة هذا الموضوع مرة أخرى الآن.
النظام العقاري في المملكة يحيطه عديد من التنظيمات والقوانين التي تسعى لحماية المواطن العادي، فرغم عروض التملك للشقق إلا أن عددا من المواطنين لديهم تحفظ في هذا الشأن لوجود كثير من المشكلات، منها تداخل الخدمات كالماء والكهرباء وما يعانيه بعض الملاك من مشكلات في ضعف تعاون البعض وهذا التحفظ يقودهم إلى الاستئجار سواء كان لشقق أو فلل. وعموما فإن نظام التأجير قد يكون في حاجة إلى وقفة صارمة لتحسين أوضاعه، وقد ذكر لي أحدهم تجربته مع ''أم خليل'' مالكة العمارة التي قدر الله له أن يسكن فيها، فبعد أن كان إيجار الشقة (ذات الغرفتين) يراوح بين 27 و 28 ألف ريال سنويا في نفس المنطقة، قفز مع أم خليل إلى 38 ألف ريال سنويا، ومن منطلق ''مكره أخاك لا بطل''، انصاع لرغبة أم خليل وبدأ إيجار العام الذي يليه لأن الأسعار ملتهبة و إيجارات الشقق بالفعل مرتفعة جدا، ولكن بعد توقيع العقد ودفع الجزء الأول من القيمة فوجئ بارتفاع آخر مهول في الإيجار وصل إلى 45 ألف ريال!! بحجة أن أحدهم من المكاتب العقارية أوهمها أن الإيجار ما زال ضعيفا ويمكن زيادته.
وهنا أتعجب كيف يصل إيجار شقة من غرفتي نوم فقط إلى هذا المبلغ؟ وعلى أي أساس اعتمدت في رفع الإيجار؟ وهل تم قياس السعر على المتر أم على الإطلالة؟ أم على ماذا؟
وإذا كان العقد لهذا العام 37 ألفا فكيف سيزيد خلال ستة أشهر فقط، حتى لو بدأ الإيجار الجديد في العام الذي يليه إلا أن التنقل بين الشقق سنويا يعد أمرا مرهقا للمستأجر، وما السقف الذي يجب أن تعتمد عليه أسعار الإيجارات؟
أعتقد أن التنظيم يجب أن يكون أكثر صرامة ووضوحا، وهنا يأتي دور الغرف التجارية لا مراكز الشرطة التي يجب أن تصنف المباني المعدة للإيجارات خصوصا العمارات السكنية إلى فئات مصنفة حسب الموقع والمساحة والخدمات المتوافرة من أمن ونظافة وصيانة وتوفير مواقف وغيره، فالتصنيف سيحقق التنظيم، وسيكون حماية لحقوق الطرفين - المستأجر والمالك - بحيث ألا يكون المستأجر كالكرة بين مالك العمارة ومكتب العقار الذي قد يكون له دور كبير في قرارات المالك، وهذا التصنيف يعد كسقف يعتمده كل مالك في تحديد أسعار الإيجار المناسبة كل حسب فئته.
كما أن هذا التنظيم سيكبح حمى استعار أسعار الإيجارات، وسيحسن من مستوى البنايات والخدمات المقدمة، حيث إن كل مستثمر بهذا المجال سيسعى لتقديم الأفضل من الخدمات ليصل إلى أعلى تصنيف, لأن وضع الإيجارات الحالي يجعل من لم يتملك شقة هربا من العيوب والمشكلات التي تلحق عملية الشراء ليلجأ إلى الإيجار، أصبح كمن استجار من الرمضاء بالنار، ولا أقصد بهذا الطرح التعميم، لكنه استهداف لبعض من المتساهلين والطامعين باستغلال المستأجرين للحد الأقصى، بغض النظر عن نوع مبناه وجودة خدماته مستفيدا من ضعف الرقابة والمسؤولية الذاتية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي