قراءة إدارية للمونديال

كالعادة غطى حدث المونديال على ما عداه من أحداث محلياً وعالمياً، وأصبحت لغة كرة القدم اللغة الرسمية الأولى للعالم الآن .. وأصبحت نغمة «أوه يأفريكا» النغمة الأولى المسموعة .. وأصبح بوق «الفوفوزيلا» آلة التواصل بين الشعوب. وفي هذا الحدث المهم كل إنسان يبحث عن بغيته، المتفرج يبحث عن المتعة، الفرق المتنافسة تبحث عن الانتصارات، الصحافة والإعلام تبحث عن التغطية المتميزة والأخبار المثيرة، الشركات والمؤسسات تبحث عن تحقيق الأرباح واستغلال الحدث, ونحن بدورنا كدارسين للإدارة يجب أن نبحث عن بغيتنا، وبغيتنا هي استكشاف هذا الحدث بمنظور إداري، والبحث عن دور الإدارة في تحقيق الانتصار، لن نتحدث عن إدارة المونديال وتنظيمه، لكننا سنتجه مباشرة إلى أرض الملعب:
* الانتصار في الملعب يبدأ بالانتصار على الورق، إنه التخطيط أو التحضير المسبق، والانتصار في الغالب يكون حليف الفريق الذي يطبق خطة مؤثرة تتناسب مع قدراته وطموحاته وترتكز على دراسة نقاط القوة والضعف لدى الفريق ولدى المنافسين, أما الفرق التي تكون كل خططها واستعداداتها تقوم على تقديم الوعود بالعطايا المجزية للاعبين في حالة الفوز, فهي بكل تأكيد أبعد ما تكون عن تحقيق الانتصار. هناك فرق تخطط للفوز بكأس العالم، وهناك فرق تسعى إلى التمثيل المشرف، وهناك فرق اعتبرت وصولها إلى المونديال قمة النجاح. لا يتوقع لفريق بنى خطته على أساس التمثيل المشرف أن يحقق إنجازات تبهر العالم, فالخطط المتواضعة تصنعها طموحات متواضعة, والذين يملكون طموحات كبيرة دائماً هم المرشحون للفوز بالكأس.
* المونديال سوق عالمية، يسعى كل لاعب فيه إلى إبراز مهاراته وقدراته ليرتفع سعره في السوق، هناك لاعبون يعشقون العزف المنفرد، يلعبون لأنفسهم لا لفرقهم، والنتيجة هي خروج فرقهم من المونديال مبكراً ليكتشف هؤلاء اللاعبون أن الجماعية هي سر الانتصار، وأن اللاعب سعره يرتفع عندما يوظف قدراته ومهاراته في خدمة الجماعة أو الفريق .. الذين يملكون روح الفريق هم الذين سينتصرون.
* اللاعب الموهوب مثل الموظف المبدع عندما يوجد بقوة وإيجابية في فريق ما، فهذا الفريق يمتلك بالتأكيد ميزة تنافسية تضعه في المقدمة دائماً .. الموهوبون الذين يوظفون قدراتهم وإبداعاتهم لمصلحة فرقهم سيقولون كلمتهم في هذا المونديال.
* المرونة في الملعب تعني الاستجابة الفاعلة لأية تغيرات أو تطورات أثناء المباراة، وهذه التغيرات ما أكثرها وما أخطرها في هذا المونديال، الفريق الذي يملك مدربا (في الفرق الغربية يسمونه مدير الفريق تأكيدا للدور الإداري له) يتسم بسرعة البديهة والتركيز والقدرة على تغيير خطته في أي وقت، واللاعبون الذين لديهم القدرة على تغيير أهدافهم ومن ثم أسلوب أدائهم، وقائد الفريق (الكابتن) الذي يملك القدرة على تحفيز زملائه اللاعبين ويستطيع إثارتهم لتقديم أفضل ما لديهم؛ هذا الفريق سيواصل انتصاراته وسيكون قادراً في كل وقت على تغيير الدفة لمصلحته.
* إدارة الضغوط ربما تشكل محوراً أساسياً في تحقيق الانتصارات، فالفرق الرياضية المشاركة بعناصرها المختلفة (لاعبين، مدربين، إداريين) تتعرض لكمّ كبير من الضغوط الحكومية والجماهيرية والإعلامية، هذه الضغوط ربما تدفع كثيرين, خاصة فئة المدربين, إلى اتخاذ قرارات خاطئة استجابة للضغوط التي يتعرضون لها، والنتيجة هي الخسارة بالتأكيد. الانتصار سيكون حليف الفريق الذي يتعامل مع الضغوط بأعلى مستوى من الاحترافية.
عزيزي القارئ ربما تساعدك الملاحظات السابقة في التوقع الصحيح للفريق الذي سيصل إلى منصة التتويج، مع صادق الامنيات لمنتخب الجزائر بتمثيل العرب التمثيل المشرف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي