هل زوال إسرائيل .. سيتحقق في عام 2022؟
ينشط في هذه الأيام بعض الباحثين من العرب والمسلمين إلى القول بزوال إسرائيل قريبا, بل تبالغ هذه الدراسات وتقول إن إسرائيل ستزول في عام 2022, أي بعد 12 سنة من الآن, وهو العام الذي يكمل فيه المذنب هالي دورته الكاملة, كما تعتمد هذه الدراسات على نبوءة إسرائيلية ذكرت أن عمر إسرائيل 76 سنة ولن تتجاوزها، وإذا حسبنا عمر إسرائيل منذ تأسيسها في عام 1948 حتى عام 2022 نجد أن إسرائيل تبلغ الـ 76 سنة عند عام 2022.
إن أهم ما نتحفظ عليه في هذه القضية هو أن البعض يركز تقديره لزوال إسرائيل اعتمادا على الآيات البينات التي وردت في القرآن الكريم, التي تقول: ''وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلنّ علواً كبيراً, فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً'', ثم يقول الله ــــ سبحانه وتعالى: ''وإذ تأذن ربك ليبعثنّ عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب''.
واضح من الآيات البينات أن القرآن الكريم تحدث عن زوال إسرائيل, لكنه لم يحدد متى يتم الزوال, إنما أكد على الأسباب الموضوعية الكفيلة بحدوث الزوال, وإذا كان المفسرون يختلفون حول إذا ما كان الإفساد والعلو ثم التدمير الأول قد حدث فعلاً أيام الرسول ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ وأن الإفساد والعلو الثاني سيحدث في هذه الأيام, فإن الآية الكريمة تطلق إفساد اليهود وعلوهم ثم تدميرهم أكثر من مرة قبل الإسلام وبعد الإسلام, فالعلو الأول وتدميره تم في عهد النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ وأتمه أصحابه من بعده, أمّا العلو الثاني والفساد ثم التدمير, فهو الذي يتوقعه العلماء والمؤرخون في عام 2022.
لكن المقلق في هذه الدراسات أنها تحمل القرآن الكريم ما لم يذكر صراحة في القرآن, فهم يفسرون الآية الكريمة تفسيرا يتجاوز المعنى الواضح في محكم كتابه العزيز, وبالذات بالنسبة لتحديد الزمن في مسألة خطيرة وحساسة كمسألة زوال إسرائيل, وفي ذلك تجاوز لحدود التفسير وفيه افتئات على القرآن الكريم, فالآية الكريمة لم تحدد السنة التي تزول فيها إسرائيل, بل القرآن الكريم قال: ''فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا''.
إذن القرآن الكريم تحدث عن زوال إسرائيل, لكنه لم يحدد متى سيبعث عليهم عباداً أولي بأس شديد، وكذلك لم يقل من أين يبعث لهم هؤلاء العباد, هل من العرب والمسلمين, أم من السماء كما فعل مع أبرهة الحبشي عندما حرر تخوم مكة من أبرهة ومن جيشه الغاشم بطير أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل.
ولذلك فإن الجزم بأن عام 2022 هو عام نهاية إسرائيل فيه تطاول على القرآن الكريم وفيه تجاوز على حدود التفسير الصحيح, الذي كان يجب أن يلتزم بنصوص القرآن المجيد دون التطرف أو التعسف في الاجتهاد وتحريك الزوال حتى تخوم عام 2022.
ونسأل ما ذا لو أن عام 2022 قد مر, وشاءت إرادة الله ـــ سبحانه وتعالى ـــ أن تظل إسرائيل جاثمة فوق صدورنا, ماذا لو أن مشيئة الله أرادت أن تظل إسرائيل في الوجود إلى ما بعد 2022 بسنوات وسنوات؟!
نحن لا نلغي احتمال زوال إسرائيل من قاموسنا, وقضية زوال إسرائيل يقول بها المفكرون المتدينون في الديانات الثلاث, ويقول بها المفكرون السياسيون, ويقول بها ثلة من المؤرخين المحايدين, وهي قبل ذلك وبعده من المسلمات الواردة في القرآن والسنة النبوية الشريفة، لكن كما قلت يجب ألا نتجاوز حدود التفسير الصحيح حتى لا يكون ما نزعمه الآن حجة علينا في المستقبل ومدعاة للسخرية من نصوصنا القرآنية عند الصهاينة والإسرائيليين.
إن آخر التقارير المهمة التي تقول بقرب زوال إسرائيل التقرير المهم الذي أصدرته في تموز (يوليو) 2010 وكالة الاستخبارات الأمريكية C.I.A, وقالت فيه إن إسرائيل لن تتمكن من البقاء خلال الـ 20 سنة المقبلة, واستشهد التقرير بالانهيار السريع وغير المتوقع لنظام حكومة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا, وكذلك انفراط عقد دول الاتحاد السوفياتي الأسبق, وتأسيساً على ذلك يتوقع التقرير نهاية سريعة لإسرائيل كالنهايات السريعة التي انتهت إليها دولتا جنوب إفريقيا والاتحاد السوفياتي السابق.
ولعل أهم ما يلفت النظر أن تقرير الـ C.I.A أعطى توقيتا قريباً جداً من التوقيت الذي جاء في النبوءة الإسرائيلية, وأهميته تعود إلى أنه يصدر من أكبر مؤسسة مخابراتية في العالم تملك كمية من المعلومات تمكنها من إعداد وإصدار تقرير له دلالات قوية على حجية محتواة, لكن مع ذلك لا بد من الحيطة والحذر عند تحليل التقارير التي تصدر عن المخابرات, وبالذات فيما يتعلق بصدور التقرير في هذا التوقيت وعلاقته بالمفاوضات الفلسطينية ـــ الإسرائيلية, التي تسعى الولايات المتحدة في هذه الأيام بكل قوتها إلى إقناع إسرائيل لاستئنافها بنية التوصل إلى سلام دائم في منطقة الشرق الأوسط.
أعود مرة أخرى وأقول إن توقيت صدور تقرير المخابرات الأمريكية مع صدور مجموعة من الدراسات الموثقة التي تقول باحتمال زوال إسرائيل خلال 12عاماً يدعو إلى الدهشة, لكن لا يدعو إلى الاستغراب أو الاستبعاد!