3 من أسوأ أخبار المناخ المتغافل عنها هذا العام

تحديات أمام الطاقة الكهرومائية، والهند تعزز استهلاك الفحم، وإندونيسيا تستنزف زيت النخيل كوقود حيوي

لم يشهد العام الماضي نقصاً في أخبار المناخ القاتمة التي تتصدر للعناوين الرئيسية، إذ أعلنت هيئة الأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة في مارس أن 2023 كان العام الأكثر سخونة على الإطلاق، وأشارت في نوفمبر إلى أن العام الجاري سيكون أشد حراً. في الولايات المتحدة، أُعيد انتخاب دونالد ترمب، الذي وعد بزيادة إنتاج النفط وتقليص دعم الطاقة النظيفة. كما أن ضجيج الذكاء الاصطناعي كثيف الاستهلاك للطاقة يدفع شركات المرافق إلى إبطاء وتيرة خطط إغلاق محطات الكهرباء التي تعمل بالوقود الأحفوري، تحسباً لارتفاع كبير في الطلب من مراكز البيانات.
وكأن ذلك ليس كافياً. عدد من التوجهات الأكثر إثارة للانزعاج مرت في الأغلب دون أن يلاحظها أحد. وفيما يلي 3 موضوعات من شأنها أن تقض مضجعك لكنها لم تجد طريقها في الأغلب إلى العناوين الرئيسية خلال 2024.

فترة صعبة للطاقة الكهرومائية

نسمع كثيرا عن مصاعب الطاقة النووية ونمو طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، في حين أن أكبر مصدر للطاقة النظيفة، وهي الطاقة الكهرومائية، لا يحظى بالاهتمام اللازم. وهذا تجاهل غير محمود، إذ يمر هذا القطاع بمرحلة صعبة مثيرة للقلق، فتوليد الكهرباء من الطاقة المائية لم يزد منذ 5 سنوات، والإخفاقات تتجلى بصورة أكبر في كثير من الأماكن الأشد احتياجاً إليه.
انخفض توليد الكهرباء من السدود في الولايات المتحدة بمقدار الخمس تقريباً منذ بلوغه أعلى مستوياته في 2017. وفي الصين، أدى عدم هطول الأمطار في أواخر فصل الصيف بمنطقة حوض نهر "يانغتسي" إلى تدهور الإنتاج لمستويات كما لو كانت في حالة جفاف، ما دفع المحطات التي تستخدم الفحم إلى زيادة الإنتاج في سبتمبر لتعويض النقص. أما البرازيل فتستورد كميات قياسية من الفحم لتعويض ضعف الإنتاج من السدود التي تُعد مصدرها الأساسي لتوليد الكهرباء.
الطاقة الكهرومائية موسمية بطبيعتها، ويمكنها دوماً التعافي ببضعة أعوام من الأمطار الوفيرة. لكن الأداء الضعيف في الفترة الأخيرة قد يكون مؤشراً على ما هو أسوأ، تغير المناخ الذي تهدف الطاقة المتجددة إلى تجنبه هو نفسه ما يؤدي إلى نقص تدفق المياه اللازم للطاقة الكهرومائية للقيام بدورها في تحول الطاقة.

وقود من الغابات

إذا كنت قلقاً بشأن زيت النخيل، فلربما كان السبب الرئيسي في ذلك هو استخدامه كمادة مضافة في مستحضرات التجميل والشوكولاتة في صناعة تهدد موطن "إنسان الغاب". لكن أنباء اعتزام رابع أكثر دول العالم سكاناً تحويل نصف استهلاكها من الديزل إلى وقود حيوي تبدو...سارة، أليس كذلك؟
لا تتسرع. الدافع الأكبر للطلب خلال العقد الماضي -وبفارق كبير- كان قوانين إندونيسيا التي تفرض زيادات مستمرة في استخدام الديزل الحيوي في المركبات على الطرق، وسترتفع نسبة المزج من 35% حالياً إلى 50% بحلول 2028، وهو أحد الوعود الأساسية للرئيس الجديد برابوو سوبيناتو بعد انتخابه في فبراير. حتى منتجو زيت النخيل لا يتوقعون أن تلبي المزارع المتقادمة القائمة حالياً الطلب الذي سيرتفع إلى 18 مليون طن متري من 11 مليون طن في الوقت الحالي.
قدرت دراسة أُجريت في أغسطس أن تنفيذ هذه الخطة يقتضي إزالة مساحة أخرى من الغابات تبلغ 12.6 مليون فدان (5.3 مليون هكتار) بحلول 2042، وهي مساحة أكبر من الدنمارك بنحو 25%. كما أن الاعتماد المفرط على مزيج الوقود الحيوي يُترجم إلى تراجع الدعم الحكومي لوسائل النقل الكهربائية والمواصلات العامة
.
عودة إلى الفحم في الهند

لسنوات عديدة بدا مستقبل الفحم في الهند قاتماً، حيث جرى تشييد عدد كبير للغاية من محطات الكهرباء في مطلع العقد الماضي، ما خلف لدى البلاد عدداً كبيراً من محطات الكهرباء الحرارية غير المستغلة والخاسرة. كما أن انخفاض تكلفة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وضعف النمو الاقتصادي كانا مؤشرين على أن الوقود الأحفوري على شفا النهاية.

لكن الوضع الآن مختلف. في حين لا يكاد الطلب ينمو في الصين بل يتراجع في الولايات المتحدة وأوروبا، أصبحت الهند الدولة الوحيدة في العالم التي شهدت ارتفاعاً ملموساً في استهلاك الفحم هذا العام. وبلغ معدل تشغيل محطات توليد الكهرباء مستوى صحياً خلال معظم العامين الماضيين، لتعاود تحقيق الأرباح. ورغم انخفاض القدرة التوليدية من الوقود الصلب خلال السنوات الماضية، إلا أنها ترتفع تدريجياً خلال الفترة الحالية، فيما تعتزم شركة "كول إنديا" (Coal India) الحكومية استثمار 8 مليارات دولار في محطات جديدة، مع تعهد الحكومة بزيادة عدد المحطات بواقع الثلث بحلول 2032.
وما لم تمنع الطفرة الحالية للطاقة المتجددة هذه الخطط، فقد يعود دور الفحم في شبكة الكهرباء في الهند إلى ما كان عليه.

أخبار أخرى عن المناخ

وعلى سبيل المساءلة: ما مدى صدق تنبؤاتي عن أسوأ أخبار المناخ المسكوت عنها في 2023؟ يمكنك قراءة المقال الأصلي لتحدد رأيك، لكن إليك تقديراتي:
تعويض الكربون لا يزال في مراحله الأولى: عملية تداول الانبعاثات مقابل وعود تقليص وتيرة إزالة الغابات تلقت ضربة قوية لسمعتها في 2023، بعد مزاعم اتباع أساليب مثيرة للشبهات والدعاية الخادعة. وكما توقعنا، تحسن الوضع بشكل كبير حالياً. وأخيراً جرى الاتفاق في قمة الأمم المتحدة للمناخ على نظام عالمي للتداول. ويخشى المعارضون أن يقوض ذلك نزاهة أرصدة الكربون الأكثر صرامة من خلال تمكين مسببي التلوث من الوصول إلى مجموعة من وسائل التعويض رديئة الجودة الأقل تكلفة. وتراجعت تراخيص الكربون في أوروبا بنحو 7.2% منذ ذلك الحين.

الهند تخفق في تطوير الطاقة المتجددة: تتوافر لدينا بيانات عام واحد فحسب، إلا أنه يبدو (بشكل مشجع) أن استياءنا العام الماضي لم يكن في محله؛ جرى توصيل 24.5 جيجاوات من مصادر الطاقة المتجددة الحديثة بالشبكة حتى نهاية نوفمبر، وهو نحو ضعف الرقم لعام 2023 بأكمله. ورغم أن هذا الرقم لا يزال أقل بكثير عما يراوح بين 40 جيجاوات و50 جيجاوات اللازمة سنوياً لتحقيق أهداف 2030 الطموح، فالسوق تشهد تسارعاً، وإن لم يكن بالوتيرة الكافية لمنع العودة إلى استهلاك الفحم على النحو الموضح أعلاه.
المحيط يمتص كميات أقل من الكربون: يتحرك العلم بوتيرة أبطأ من عناوين الأخبار، لذا لن نحصل قبل مرور فترة على دليل كاف على أن البحار بدأت تصل إلى مرحلة التشبع في قدرتها على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء. مع ذلك، ظهرت عديد من الأدلة المشابهة خلال العام الماضي تشير إلى أن اليابسة أيضاً تمتص قدراً أقل من الكربون، وتطلق كميات أكبر من انبعاثات الميثان ما يرفع من درجة حرارة الكوكب. ساعدت الطبيعة على إبطاء وتيرة الاحترار العالمي خلال العقود الماضية، لكن يبدو أن قدرتها في تراجع.
إذا كانت كل هذه الأخبار متشائمة بشكل أكبر من اللازم، لنطلع على بعض الأخبار السارة المسكوت عنها غداً.

خاص بـ "بلومبرغ"

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي