الاصطدام بين أكبر دائن وأكبر مدين !
اختفت المنطقة الوسط في الخلاف الدائر بين واشنطن وبكين حول أسعار الصرف، خصوصا والعالم لا يزال يبحث عن قيادة ومسار جديد لتصحيح الاختلالات في الاقتصاد الدولي، والواقع أن الخلاف عميق ويمكن أن يتطور، بل يتحدث البعض هذه الأيام أنه يمكن أن يقضي على العولمة إذا ما استمر لسنوات أخرى مقبلة.
"الحمائية" والتقاضي في دوائر منظمة التجارة العالمية، بل والتدخل الحكومي المباشر في أسواق العملات، هي الأسلحة التي تهدد بها الولايات المتحدة وكذلك دول مثل اليابان أو حتى منطقة اليورو وسويسرا "مثال"، تهدد بها الصين وهذه الأسلحة ببساطة تعني القضاء على منظمة التجارة العالمية، وعلى العولمة بشكل أو بآخر.
أن اصطدام عملاقي الاقتصاد العالمي وهما أكبر دائن وأكبر مدين، والمتمثل في رغبة الأول إبقاء اليوان ضعيفا أمام الدولار والعملات الأخرى لتحقيق تنافسية للصادرات الصينية في الأسواق العالمية، فيما الثاني يرغب في رفع اليوان وتحرير أسعاره، لإحداث توازن في الأداء التجاري والتصديري للدول، يعين أن أحدهما يسير شرقا فيما الآخر غربا، وأنه لن يكون هناك نقطة التقاء في الطريق.
الصين ليس لديها مانع في أن تخفض أمريكا من دينها العام، للبدء في معالجة الاختلال في ميزان التجارة العالمي، ولكنها لا تريد أن يكون ذلك على حساب صادراتها، أو التدخل في إدارة عملتها، وأمريكا تعتقد أن الإنتاج الصيني والانتشار العنكوبتي لمنتجاتها في الأسواق الدولية، لن يتم كبحه إلا من خلال أسعار الصرف والتي تميل في الوقت الراهن لصالح "الرنميبي".
الاقتصاد الدولي من جانب آخر مهدد بهذا الاصطدام الجاد بين عملاقي الاقتصاد، إذ إن العملات الحرة ( اليورو، الين..) تعاني تنامي قيمتها أمام الين، والعملات المرتبطة بالدولار هي الأخرى تشعر بالخلل في التقييم الدائر لأسعاره وحجم التهديد.
ما أريد قوله إنه وحتى تأتي إرادة سياسية جريئة في البلدين بعيدا عن حسابات نتائج الانتخابات وهذا لن يحدث بحسب محللين قبل العام 2012 وهو موعد الانتخابات في كل من الولايات المتحدة والصين، فإن الأمور تسير للأسوأ، وهناك إشارات تبادل قوية بين الطرفين، كان أولها سكوت الولايات المتحدة عن تدخل طوكيو في أسعار الصرف قبل أيام والذي اعتبر في الصين عملا عدائيا من الطرفين، فيما بكين تنشط في الدوائر الدولية لمنع الولايات المتحدة من اتخاذ إجراءات "حمائية"، بل إنها هددت قبل أيام باتخاذ إجراءات أكثر تعسفية إذا أصرت المجموعة المتحفزة ضدها بقيادة واشنطن على الاستمرار في التركيز على اليوان كمشكلة دولية.