لقاء وزير العمل مع رجال الأعمال

التقى وزير العمل الجديد المهندس عادل بن محمد فقيه، السبت 8/11/1431هـ الموافق 16/10/2010م، عددا كبيرا من رجال الأعمال في مجلس الغرف السعودية في الرياض، وسأوجز لك يا عزيزي القارئ بعض ملاحظاتي واقتراحاتي على هذا الاجتماع:
ـــ تحلى الوزير بالهدوء ورحابة الصدر والدبلوماسية في تعليقه على تساؤلات الحضور، ولم يستثره أو يغضبه النقد اللاذع والعام من بعض الحاضرين، والذي أتحفظ على عموميته وتعميمه، فعلى سبيل المثال ليست جميع مكاتب العمل وجوها غير مشرقة لوزارة العمل، كما ذكر أحد الإخوان.
ـــ كسر وزير العمل الصمت الذي ألزم به نفسه لمدة ثلاثة أشهر وتحدث للحاضرين بصفته ـــ كما ذكر معاليه ـــ رجل أعمال سابقا، حيث تحدث عن القرار رقم 50 وكذلك عن البطالة وعن الاستقدام، والقرار رقم 50 لمن لا يعرفه هو قرار صادر من مجلس الوزراء الموقر بتاريخ 21/4/1415هـ، والذي تضمن عددا من التوصيات، منها ''إلزام كل منشأة تستخدم 20 شخصا فأكثر بزيادة العمالة السعودية لديها بما لا يقل عن 5 في المائة من مجموع عمالتها سنويا، مع تعديل النسبة حسب العرض في سوق العمل مع قصر عدد من الوظائف على السعوديين، ومنها (وحدات التوظيف ـــ وظائف مسئولي التوظيف ـــ وظائف الاستقبال والمعقبين ـــ مراجعي الإدارات ـــ أمناء الصناديق ـــ وظائف الحراسة الأمنية المدنية... إلخ)، هذا لمن لا يعرف القرار رقم 50، وسأناقش تطبيق هذا القرار على قطاع المقاولات الوطني الذي أنتمي إليه.
لو طُبّق هذا القرار على قطاع المقاولات الوطني من تاريخ صدوره وبالنسبة المحددة بزيادة 5 في المائة سنويا حسب نص القرار لكان عدد العمالة اليوم في هذا القطاع أكثر من 1000 في المائة وطنية، وفيما يبدو لي أن القرار قبل صدوره لم يطلع عليه ولم يستشر فيه المنفذون والمطبقون، كما أنه لم يُدعَم بالإحصائيات التي توضح عدد العمالة السعودية المتوافرة في سوق العمل عند صدور هذا القرار وتخصصات هذه العمالة وتوافقها مع العمالة المطلوبة للعمل في هذا القطاع، وكذلك العمالة المطلوبة فعلا للعمل في هذا القطاع وتخصصاتها؛ لذلك فإن هذا القرار لم يحقق الهدف المرجو منه.
ـــ البطالة وكما ذكرت سابقا في أكثر من مقال صحفي هي مرض عضال يُلحق أفدح الأضرار بالمجتمعات التي يتفشى فيها من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية؛ لذلك لا بد من أن تتضافر الجهود من الجميع لدعم وزارة العمل في معالجة هذه الظاهرة السيئة لوقاية مجتمعنا من شرورها المستطيرة.
وفي تقديري أن معالجة ظاهرة البطالة تتطلب إضافة إلى القوانين التشريعية الملزمة بالسعودة للقطاعين الخاص والعام التدريب الجيد بأن تكون مخرجات المؤسسات التعليمية والتدريبية متوافقة مع متطلبات سوق العمل كما أسلفت في القطاعين الخاص والعام، وكذلك إحداث تنمية مستدامة في جميع المناطق والمحافظات تعمل على تحويل اقتصادنا من اقتصاد يعتمد على ثروة النفط الناضبة إلى اقتصاد ديناميكي يعتمد على الثروات المتجددة مثل المقاولات والصناعة والتجارة والسياحة والخدمات والزراعة، وهذا في تقديري ليس بالأمر الصعب نظرا لما تتمتع به بلادنا من مزايا اقتصادية نسبية كبيرة، ولنا في التجربة الماليزية الحديثة والتجربة التركية الأكثر حداثة مثلا في ذلك، كذلك أود أن أؤكد أننا جميعا مسؤولون عن العاطلين عن العمل سواء منهم من يتردد على مكاتب العمل أو ديوان الخدمة المدنية بحثا عن الوظيفة أو حتى من يبقى في بيته، فعلينا أن نطرق عليه بابه وبالتعاون مع أهله ودفعه للعمل؛ حتى يستفيد ويفيد أسرته ويفيد وطنه، كما أود كذلك أن نناقش وعلى نطاق كبير تربية الشباب السعودي على الاعتماد على النفس منذ نعومة الأظفار وحتى الالتحاق بالعمل، فالملاحظ أن بعض الشباب هداهم الله يعتمدون على الأسرة في تدبير الوظيفة، فلا بد من إقناع الشباب بالاعتماد على أنفسهم والبحث عن العمل المناسب دون البقاء في المنزل وترك هذه المهمة لوالده أو أخيه أو والدته أو أخته لكي يبحثوا له عن عمل.
ـــ فيما يتعلق بالاستقدام، فإن ما ورد من أنظمة وقرارات من مجلس الوزراء الموقر مثل القرار رقم 23 بتاريخ 17/1/1428هــ والقرار رقم 155 بتاريخ 5/6/1429هــ ما يكفي ولا حاجة لنا في إصدار مزيد من قرارات، وإنما ما نحتاج إليه من وزير العمل وجميع المسؤولين في وزارة العمل وقف التفاف بعض المسؤولين والموظفين في بعض مكاتب العمل على فقرات القرارات المذكورة أعلاه، فعلى سبيل المثال كان المقاول قبل قرار مجلس الوزراء رقم 23 يعاني مشكلات في الاستقدام، أهمها الخصم العشوائي من خطابات التأييد التي يحصل عليها المقاول من الجهات الحكومية عند التعاقد مع هذه الجهات، فإذا كان خطاب التأييد يتضمن 300 تأشيرة فإن المقاول يمنح فقط أقل من 100 تأشيرة.
كما أن شهادة السعودة التي يحصل عليها المقاول كانت فترتها ثلاثة أشهر، وقد تم معالجة هذه الحالات بموجب قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 23 آنف الذكر.
إلا أننا نلاحظ الآن أن بعض مكاتب العمل تقوم بخصم 50 في المائة مما يتضمنه خطابات التأييد بحجج أن المقاول لديه عقود قريبة الانتهاء وأن المقاول لديه تأشيرات لم يستفد منها حتى الآن، وهكذا دون الأخذ في الاعتبار أن هناك آليات واضحة وفعالة لتصفية العمالة المنتهي عقودها، وأن هذه العمالة تعتبر مستهلكة وعلى أقل تقدير ترغب في الحصول على إجازات إن لم تطلب الخروج النهائي، وهذا في تقديري يعتبر التفافا غير مبرر على فقرات القرار رقم 23.
فأرجو من الوزير والمسؤولين في الوزارة الحد من تلك الظواهر؛ حتى لا نتيح لضعاف النفوس من نشر الفساد الإداري.
ـــ إن أهم عوامل مكافحة الفساد الإداري في تقديري في أي مرفق حكومي ـــ إن وجد بما في ذلك مكاتب العمل ـــ هو المرونة وتبسيط الإجراءات والشفافية ووضوح الأنظمة المعمول بها للجمهور وضوحا تاما لا لبس فيه.
لقد بالغ البعض في حجم الفساد الإداري في مسألة الاستقدام وعمم ذلك على جميع مكاتب العمل، وهذا ما أتحفظ عليه، إني لا أدعي أن مجتمعنا مثالي ونموذجي ولا يوجد به فساد إداري، بل الفساد الإداري موجود في جميع دول العالم ومنها بلادنا، لكن الفساد الإداري الموجود لدينا لم يبلغ حد الظاهرة أبدا ولا ينبغي لنا أن نتجاهل الجهود التي تقوم بها الجهات الأمنية لمكافحة الفساد الإداري عند وجوده في أي إدارة حكومية.
ـــ أرجو من الوزير أن يهتم وبسرعة بتطبيق قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 793/1 وتاريخ 22/5/1426هـ بتشغيل المرأة في محال بيع مستلزمات النساء والأطفال، فتطبيق هذا القرار يخدم بلادنا اقتصاديا واجتماعيا مع وضع الضوابط الشرعية اللازمة للمحافظة على المرأة وحمايتها من أية ابتزاز.
ـــ ملاحظتي الأخيرة، أرجو من وزير العمل وجميع المسؤولين في الوزارة الإسراع في وضع الآليات اللازمة لمنح تأشيرات العمل المؤقت التي نقلت من وزارة الخارجية اعتبارا من 1/7/1431هـ إلى وزارة العمل في أقرب وقت ممكن، كذلك أرجو من الوزير رفع الإيقاف الخاص بتأشيرات سجلات التأسيس في أقرب وقت ممكن.
وفق الله الجميع لخدمة وطننا الغالي في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني وزير الداخلية وحكومتنا الرشيدة.

نائب رئيس مجلس إدارة غرفة الشرقية

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي