من المسؤول عن تهور سائقي خط البلدة؟

لا أعرف لماذا ما زلنا نعيش هذه الفوضى والتهور والإزعاج بأصوات الفرقعة في طرقنا التي يسببها قائدو حافلات النقل بالكوسترات أو ما تعارف على تسميته باصات أو أتوبيسات خط البلدة، فأنا ومنذ سنوات أطالب بتنظيمها وتهذيب سائقيها، ولكن أقابل بالرد الصامت، ولا أدري من المسؤول؟ فوزارة النقل لا تود أن تقطع رزق هؤلاء السائقين فهي مصدر رزق لهم. ولا أدري هل ممكن أن تنقذنا الإدارة العامة للمرور بتنظيمهم والحد من تهورهم؟ أم أنه دور وزارة التجارة أو الهيئة العامة للاستثمار لجمع هؤلاء السائقين وضمهم كمساهمين في شركة مساهمة عامة، وأن يتم الرفع من مستواهم ضمن دورات توعوية والاستفادة منهم وجعل حصص لهم في الشركة مثل طريقة شركة جبل عمر؟ فهي خدمة يمكن تطويرها لتكون مربحة بالاستفادة من الإعلانات عليها وداخلها وتطويرها لنقل ذوي الاحتياجات الخاصة وبعض الحملات السياحية وغيرها. على الأقل لماذا لا توضع ضوابط لمظهر الحافلة وجودتها وتقيدها بوسائل السلامة؟ حيث إنها تحمل أرواحا. إن الحل لا يحتاج إلى ابتكار فهو مطبق في معظم مدن العالم من الشرق إلى الغرب. إن أزمة المواصلات والاختناقات التي نعانيها في مدننا الكبرى حالياً قد تكون مزعجة ولكنها مؤشر قوي ونذير يدق أجراسه ليوقظنا إلى ما قد يصل إليه الحال مستقبلاً وإلى أهمية معالجة نمو المدينة ومحاولة التحكم فيه بالتخطيط المسبق لتحسين مستوى النقل فيها.
الجميع يرى ما تقوم به حافلات النقل العام (خط البلدة) من إساءة للذوق العام منها:
• المظهر غير المناسب للشكل الخارجي للحافلات..
• الوقوف المفاجئ وسط الطريق أو جانبه معرقلة ومسببة الحوادث دون أي اكتراث بالمواطنين.
• التهور في القيادة والسرعة بهدف الحصول على عدد أكبر من الركاب دون الاهتمام بسلامة الآخرين.
• عدم الاهتمام بوسائل السلامة في الحافلة ومكابحها ومتانتها.
• عدم تنظيمها وفق شبكة مواصلات متكاملة ومترابطة وفق خرائط لمحطات مركزية للتحويل من خط سير إلى آخر.
• عدم تنظيم أوقات عملها بحيث تكون موزعة على فترات متباعدة أو حسب أوقات الذروة، وبحيث تكون هناك خرائط وجداول مواعيد معروفة للجميع.
• إهدار الوقود بسبب عدم الصيانة الدورية للحافلات وكثرة الدوران في الطرق وهو ثروة وطنية، وتكلفة تحسب على المواطن فيما يدفعه للمشوار.
• مضاعفة معدلات التلوث البيئي من جراء حرق الوقود بالدوران المتكرر وإثارة الغبار الحمضي الأسود من الطرق.
• مضاعفة نسبة الحوادث والوفيات وما تؤديه إلى خسائر مالية ومادية.
• زيادة نسبة الازدحامات في الطرق وما تؤديه من ضياع لوقت المواطنين أو تأخير في الوصول إلى المستشفيات في الحالات الإسعافية.
• تشويه المظهر الحضاري للمدينة.
الحل هو أن يتم وضع ضوابط لتنظيم حافلات النقل العام ومعالجة السلبيات الموضحة أعلاه، ويشمل ذلك التأكيد على ضرورة تخصيص مواقف محددة لها بحيث لا تقف فجأة أينما شاءت، بل يجب أن يكون ذلك مدروساَ لإيجاد مواقف على أطراف الأحياء أو قرب ساحة المسجد، وتحديد مواقف معينة للمناطق التي تولد الحاجة للنقل العام مثل المراكز التجارية والمستشفيات وبعض المنشآت الحكومية والمطارات، وأن تصمم هذه المواقف وفق مواصفات عالمية، بحيث تكون على جانب الطريق وفي مواقع الأرصفة غير المستفاد منها، ويوضع لها إشارة ودرابزين لتنظيم الركوب وإذا أمكن مظلة للانتظار وهاتف عمومي، وحتى لو اضطر الأمر إلى نزع ملكيات بسيطة من أجل راحة المواطنين فإنها لن تختلف في الأهمية عن الخدمات الأخرى مثل الحدائق. كما أن المواطن له دوره في تشجيع هذا النظام ومحاولة التجاوب حتى لو اضطر للمشي قليلاً لهذه المواقف، فالمشي رياضة تخفف أمراض القلب والبدانة.
إن مشكلات الفوضى الحالية للنقل العام كثيرة وقد لا نحس بمدى سلبياتها الاجتماعية والأمنية، وقد تكون ذريعة سائقي هذه الحافلات أن هذه الضوابط ستؤثر في مصدر رزقهم، لقد وفرت الدولة طرقا أنسب لكسب العيش. كما أن ما نطلبه أمر غير مكلف مقارنة باحترام الذوق العام للتحسين من وضع حافلاتهم، وقد يكون رفع أجرة الركوب قليلاً محفزا لذلك.
وأخيرا، فإن مثل هذه الأنظمة يجب أن تدرس بطريقة أشمل وأن يوضع لها كيان قانوني لتنظيمها لما فيه مصلحة المواطنين، وأن تقوم الجهات المسؤولة بالتنسيق فيما بينها وعلى رأسها وزارة النقل والبلديات والمرور بإعطاء الاهتمام اللازم لمثل هذا الموضوع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي