النتائج الاقتصادية للقمة الخليجية

رغم تركيزها على المسائل الأمنية مثل تجفيف مصادر التمويل للجماعات الإرهابية فضلا عن التداعيات المحتملة للملف النووي الإيراني، فقد نجحت القمة رقم 31 لقادة مجلس التعاون الخليجي، التي أنهت أعمالها في مدينة أبو ظبي الأسبوع الماضي، في تحقيق إنجاز يتعلق بتعزيز مشروع السوق الخليجية المشتركة. والإشارة هنا إلى القرار الذي يتم بموجبه السماح للشركات الخليجية بفتح فروع لها في الدول الأعضاء ومساواتها في المعاملة كفروع لشركات وطنية.
ومن شأن تطبيق التوجه الجديد رفع نسبة التجارة البينية الخليجية التي تمثل في الوقت الحاضر نحو 20 في المائة من مجموع تجارتها الخارجية أي نصف ما عليه الحال بين دول الاتحاد الأوروبي. لكن تتغير هذه النسبة بالنظر لارتفاع أو انخفاض أسعار النفط في الأسواق الدولية، نظرا للأهمية النسبية الكبيرة للقطاع النفطي الذي يشكل نحو ثلاثة أرباع صادرت دول مجلس التعاون الخليجي.

السوق الخليجية المشتركة
يندرج موضوع إفساح المجال أمام الشركات لفتح فروع لها في إطار السوق الخليجية المشتركة، وقد دخل حيز التنفيذ مطلع عام 2008. يرتكز مفهوم السوق المشتركة على منح وسائل الإنتاج مطلق الحركة في التنقل بين الدول الأعضاء، ما يعني تحقيق مبدأ المواطنة الخليجية.
يرتكز المشروع على عشرة مسارات وهي: (1) حرية التنقل والإقامة. (2) العمل في القطاعات الحكومية والأهلية. (3) التأمين الاجتماعي والتقاعد. (4) ممارسة المهن والحرف. (5) مزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية. (6) تملك العقار. (7) انتقال رؤوس الأموال. (8) المساواة في المعاملة الضريبة. (9) تداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات. (10) الاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية. إضافة إلى ذلك، أقرت القمة الخليجية رقم 30 التي عقدت في الكويت نهاية 2009 على مبدأ المساواة بين مواطني دول المجلس في مجال التعليم الفني.

الاتحاد الجمركي
من جهة أخرى، لم يكشف البيان الختامي عن تحقيق اختراقات بالنسبة لمشروع الاتحاد الجمركي على الرغم من مرور عدة سنوات على دخوله حيز التنفيذ، الأمر الذي لا يخدم تحقيق أهداف مسيرة التكامل الاقتصادي الخليجي. بالعودة للوراء، دخل مشروع الاتحاد الجمركي حيز التنفيذ في بداية عام 2003، على أمل الانتهاء من تطبيقه بشكل كامل في 2005 لكن لا يزال بعيد المنال.
تنحصر المسائل العالقة في حل آلية تحصيل ونسب توزيع حصيلة الإيرادات الجمركية، فضلا عن حماية الوكيل من جهة والسلع من جهة أخرى. كما توجد معضلات إدارية تعيق عملية انسياب الشاحنات مثل منح التأشيرات للسائق. وتتعلق الأمور الأخرى بإيجاد ممرات خاصة لشاحنات الترانزيت والمنتجات الغذائية سريعة التلف للمحافظة على صلاحيتها.

الاتحاد النقدي
وكما كان متوقعا، قرر القادة المضي قدما في تنفيذ متطلبات الاتحاد النقدي بين الدول التي صادقت على هذا المشروع الطموح، وهي: السعودية، الكويت، قطر، والبحرين. وكانت الإمارات قد قررت الانسحاب من المشروع احتجاجا على اختيار السعودية مقرا للمجلس النقدي. بدورها قررت عمان عدم الانضمام إلى المشروع من الأساس لأسباب اقتصادية مثل الإصرار على ربط الريال العماني بالدولار الأمريكي.
وكانت الدول الأربع الأعضاء في المشروع قد جددت التزامها بالمشروع في نهاية آذار (مارس) من العام الجاري، وذلك في أول اجتماع لإدارة المجلس النقدي. يتولى المجلس النقدي استكمال المتطلبات الفنية والتنظيمية، فضلا عن تأسيس بنك مركزي وصولا إلى الهدف الطموح المتمثل في إصدار عملة موحدة.
يشكل مشروع الاتحاد النقدي الخليجي المرحلة الأخيرة وربما الأهم ـــ وبكل تأكيد ـــ الأكثر إثارة في مسيرة التكامل الاقتصادي الخليجي. يتضمن المشروع مجموعة معايير تتمثل في: (1) تقييد الدين العام للحكومة عند حد 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي. (2) ضمان عدم ارتفاع العجز في الموازنة العامة بنسبة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي. (3) التأكد من عدم ارتفاع مستوى التضخم عن متوسط الدول الأعضاء زائد 2 في المائة. (4) الحيلولة دون ارتفاع معدلات الفائدة عن متوسط أدنى ثلاث دول زائد 2 في المائة. (5) الاحتفاظ بقدر من الاحتياطي يغطي قيمة واردات لمدة أربعة أشهر.

المشاريع التكاملية
إضافة إلى ذلك، يحسب لقمة أبو ظبي توجيهها بسرعة إعداد الدارسات والتصاميم الهندسية التفصيلية لمشروع سكة حديد دول مجلس التعاون الخليجي. حقيقة القول، أصبح هذا المشروع ملحا وواقعيا أكثر من أي وقت مضى على خلفية فوز قطر باستضافة مباريات كأس العالم 2022، وبالتالي إتاحة الفرصة لربط دول مجلس التعاون الخليجي بشبكة قطارات تعزز مكانتها الاقتصادية.
وكانت قمة الكويت في نهاية 2009 قد حققت خطوة ملموسة على طريق إقامة المشاريع التكاملية الاقتصادية الخليجية عبر تدشين المرحلة الأولى من مشروع الربط الكهربائي بين كل من السعودية، الكويت، قطر، والبحرين بتكلفة مالية قدرها 1.6 مليار دولار. الأمل كبير بتحقيق مزيد على صعيد التكامل الاقتصادي الخليجي في القمة رقم 32 في الرياض نهاية 2011.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي