المرأة والعمل عن بُعد
كانت ندوة ''البيئة التشريعية والتنظيمية للعمل الجزئي والعمل عن بعد للمرأة في السعودية''، التي نظمها ''كرسي بحث المرأة السعودية ودورها في تنمية المجتمع في جامعة الملك سعود''، كانت من الندوات الاستثناء التي جاءت بالفعل تلبية لحاجة المجتمع والمرأة بشكل خاص من خلال رؤية واضحة للقائمات على الندوة وعلى رأسهم المشرفة على الكرسي الدكتورة الفاضلة نورة العدوان، والمتابع للندوة وتوصياتها يلمس مهنية عالية الجودة، والملاحظ أنه لم يتسرب لهذه الندوة ـــ لا قبلها ولا أثناءها ـــ فكرة مخاتلة المجتمع أو تمرير مشاريع أقل ما يقال فيها أنها تفتقد الهوية والأصالة! وحسبكم نظرة عجلى لأسماء المتحدثات في أوراق العمل لتروا أنهن من أصائل وسلايل أبناء هذا البلد الكريم، ـــ وفرقٌ بين الأصلي والتجميع ـــ! وفي تقديري هذا أمر مفصلي حتى في أبجديات التفكير والمنهج العلمي للبحث الذي لا بد أن يكون ضرورةً ضمن أطر الزمان والمكان والموضوعية، وقد كانت التوصيات عملية وواضحة المعالم أهمها الدعوة إلى إنشاء هيئة وطنية مستقلة لتطوير آلية وأنظمة العمل المرن (العمل عن بعد، العمل الجزئي، العمل من المنزل) في السعودية، تتكون من جميع الجهات ذات العلاقة كوزارة العمل، والخدمة المدنية، والمالية، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وشركات الاتصالات, ووضع التنظيمات الرسمية التي تنظم العمل الجزئي والعمل عن بعد، والعمل بها كنظام معتمد في نظامي الخدمة المدنية والعمل في المملكة.
الجميل أنه تم استطلاع رأي الحاضرات لهذه الندوة وقد تضمنت الاستبانة إبداء رأي المرأة السعودية في العمل عن بعد، وبلغت نسبة المؤيدات له (96.66 في المائة)، في حين بلغت نسبة غير المؤيدات (1.6 في المائة)، وهي ذات النسبة أيضاً للنساء اللاتي كنَّ محايدات.
وبلغت نسبة من يرغبن في ممارسة العمل عن بعد (86.66 في المائة)، في حين بلغت نسبة من يرفضن ممارسة العمل عن بعد (8.33 في المائة)، وبلغت نسبة النساء المحايدات (5 في المائة).
إننا إذا ما تصورنا حجم التغير الاجتماعي والاقتصادي نتيجة الطفرات التقنية في ظل ما يسمى مجتمع المعرفة، فإننا سندرك حتماً ضرورة التحرر من بعض هياكل العمل وصوره النمطية، لا سيما إذا ما استحضرنا الثمرة الأهم في العمل وهي الإنتاج، وهذا جانب برجماتي متفق عليه.
دعوني أعرض لكم نتفا من دراسة قام بها مجموعة من الباحثين السعوديين بعنوان (العمل عن بعد عالميا ومجالات تطبيقه في السعودية)، وقدمت في المؤتمر الوطني الـ 17 للحاسب الآلي، والمنعقد في رحاب جامعة الملك عبد العزيز لشهر صفر من عام 1425هـ.
وضع الاتحاد الأوربي هدفا أن يكون هناك عشرة ملايين فرد يعملون عن بعد بحلول عام 2000 في قارة أوروبا. هذا الحلم وصل تقريبا إلى تحقيقه، ففي عام 1999، وصل عدد العاملين عن بعد في أوروبا إلى تسعة ملايين فرد. وربما تضاعف العدد حالياً. في إيرلندا الرابعة على مستوى أوروبا في استخدام الإنترنت، والسابعة في نسبة توغل استخدام العمل عن بعد. وقد صرح اتحاد العمل عن بعد الإيرلندي في أيار (مايو) عام 2001 أن عدد من يعملون عن بعد في إيرلندا قد بلغ قرابة 61 ألف، ويعادل ذلك 4.4 في المائة تقريبا من العدد الكلي للعاملين، وفي بريطانيا بلغ عدد العاملين عن بعد بحسب مكتب الإحصاءات الوطنية البريطانية عام 2000 نحو 1.6 مليون فرد، أي بما نسبته 5.8 في المائة من العدد الإجمالي للقوى العاملة، 70 في المائة منهم رجال و30 في المائة نساء. وبنسبة زيادة عما كان عليه في عام 1998 تصل إلى 39 في المائة. وقد أعلن المكتب البريطاني للإحصاءات الوطنية أن هناك مليونين ممن يعملون عن بعد في بريطانيا خلال الربع الثاني من عام 2002، أي بنسبة 7.4 في المائة من العدد الكلي للعاملين، وكانت هناك زيادات مطردة في أعداد العاملين عن بعد تصل إلى 70 في المائة عن السنوات السابقة.
وفي الولايات المتحدة: أعلن مكتب إحصاءات القوى البشرية أنه في أيار (مايو) 2001 وصل عدد من يعملون عن بعد قرابة 19.8 مليون فرد، أي ما يعادل 15 في المائة من العدد الإجمالي للقوى العاملة، 80 في المائة منهم يستخدمون الحاسب الآلي و60 في المائة يستخدمون الإنترنت.
وفي اليابان: أعلنت جمعية العمل عن بعد اليابانية أن هناك أكثر من 800 ألف ممن يعملون عن بعد في اليابان عام 1996، وزاد هذا العدد عام 2000 إلى 2.46 مليون أي بنسبة 200 في المائة تقريبا ومن المتوقع أن يصبح هذا العدد بحلول عام 2005، 4.45 مليون ممن يعملون عن بعد.
بعد هذا.. تحياتنا القلبية الصادقة لكل القائمات على هذه الندوة، والمؤمل أن نرى توصياتها واقعاً ممارساً.
دمتم بخير..