جمعية خيرية بيئية
خلافاً لعادة بعض أساتذة الجامعات في استخدام البحث العلمي لغرض الترقية فقط ومن ثم تزين الرفوف بها، عمل الدكتور عبد الله الفراج - جامعة الملك سعود - على إيصال نتائج بحثه إلى أكبر شريحة من أصحاب القرار ولا سيما أن نتائج البحث كانت مخيفة ومروعة وتهم صحة الإنسان والحيوان والأرض التي تقلهما في منطقة لم يسبقه إليها باحث.
كشف الدكتور عبد الله في بحثه أن نسبة كمية العناصر الثقيلة في منطقة مهد الذهب عالية, ويعد هذا إنذاراً تجاوب معه ضمير المواطن الصالح في داخل عبد الله وهو المتخصص في مجال بحثه والمؤهل علمياً فصرخ بصوته الهادئ منادياً أن في بطن بعض الأراضي السعودية مجرم يتسلل إلى البيوت والأجساد مع ذرات الغبار حتى إذا تمكن قتل ضحيته بصمت لتنسب القضية ضد مجهول، وأن في الأفق كارثة لا تقل في خطورتها عن كارثة حمى الوادي المتصدع أو سيول جدة المتكررة تطول هذا الجيل وأجيال قادمة ما لم تتخذ قرارات جذرية تعكس اهتمام الحكومة بالإنسان وحقه في العيش بصحة وكرامة.
من زاوية العمل الخيري فإن مقادير ميلاد جمعية خيرية تعنى بالبيئة وبالذات في شوؤن التربة التي نعيش عليها تبدو وكأنها متوافرة والوقت مهيأ لذلك أكثر من أي وقت مضى. فكل عمل خيري ناجح يتكون من قضية واضحة ومهتم واع وداعم سخي.
أما القضية فلا أوضح من ضرورة التوعية بخطورة قرب سكن الناس من مناجم البحث عن المعادن بل والتصاقهم بها كما هو الحال في مدينة مهد الذهب حيث لا تبعد بيوت الناس هناك سوى بضعة أمتار من المرادم المحتوية على معادن ضارة بهم. وتزيد هذه القضية إلحاحاً إذا اتضح تقاعس أو جهل ملاك الشركات العاملة في التعدين بحقوق الأطراف المتأثرة بعملها سواء كانوا عاملين أو مجاورين.
ولأن هذه القضية لا يصح أن يتكلم فيها إلا المتخصصون والمؤهلون علمياً, والدكتور عبد الله الفراج وهو الحاصل على شهادة الدكتوراة في علوم التربة من أمريكا قد أظهر اهتماماً يقل نظيره بهذه القضية والتي بذل من أجلها وقتاً وجهداً يشكر عليهما، وشخصية كهذه قادرة - بإذن الله - على استقطاب مهتمين آخرين ومتخصصين يحملون نفس الهم ويتبادلون الرغبة ذاتها في التطوع من أجل إحداث تغيير إيجابي في مجال تخصصهم.
وقضية بهذه الأهمية, ومهتم بحجم الدكتور عبد الله لا شك أنهما عاملان سيستقطبان داعمين أسخياء مادياً ومعنوياً, فالمتبرعون متعطشون لأعمال خيرية غير تقليدية تعود عليهم بالأجر وعلى المستفيد بالمنفعة.
لقد أفصحت وزارة الشؤون الاجتماعية أكثر من مرة بدعمها للجمعيات الخيرية المتخصصة, وأجد أن إنشاء جمعية خيرية بيئية تعتني بعلاقة الإنسان بالأرض التي يعيش عليها والإنسان لجديرة بأن تضيف إلى العمل الخيري السعودي بعداً رائعاً ولا سيما أن الجمعيات الخيرية المهتمة بالبيئة في السعودية لا تتعدى أصابع اليد الواحدة.