المشاهير والحجر الصحي
"أنا أسيطر على الساحة الغنائية", "أنا الأعلى أجرا بين كل ممثلات جيلي"، "أنا أجمل من المجوهرات التي أرتديها".. لا تحتاج تلك العبارات إلى تعريف بأسماء من يتداولها، لأنها تتكرر عند كل من لديه أو لديها لوثة النجومية ومرض الشهرة من فناني هذا العصر.
وباتت تلك العبارات من الأمور المألوفة التي نطالعها في كل وسائل الإعلام ذات العلاقة برصد أخبار الفنانين والمشاهير, وإلى حد كبير ما تزال نفس الجهات المختصة تعتمد على ضخ تلك العبارات لتضخيم مبيعاتها، وكلما كان التوغل عميقا في الأحداث الفضائحية والخصوصية, يكون مستوى الترويج مجزيا. اللافت أن كل الاستطلاعات تشير إلى أن نسب المشاهدة وبيع المجلات تزداد كلما ازدادت نسبة الإحراج في عرض الأسرار الخاصة جدا, وأحيانا نعرف عن حياة المشاهير أكثر مما نعرف عن أقرب الأصدقاء أو الجيران.
فهل العيب في النجوم أم في الجمهور؟ حسب تبريرات أصحاب المجلات والمواقع الفنية, إن الجماهير العريضة من البشر هي عاشقة للوشاية والتلصص وبالتالي فهي تتتبع تلك الأخبار من أي جهة كانت. وإن شعبية الفنان تزداد كلما تعرض للانتقادات والقدح والذم، وجعل من حياته الخاصة ملكا لمحبيه.
وعلى ذكر اللوثة، فكثير من قبائل أمريكا اللاتينية يعتبرون من يتحدث كثيرا عن نفسه ويتباهى بما لديه من مقتنيات, به علة مرضية أو ما يدعى فقدان التوازن النفسي، ولإعادته إلى جادة الصواب يتم حجزه في خيمة خاصة, حتى لا ينقل عدوى الاستعراض إلى غيره، ويقوم على رعايته أشخاص تعرضوا سابقا لتلك الظاهرة وتعافوا منها. وعندما تثبت عودة توازنه العقلي والنفسي حسبما يراه حكماء القبيلة, يُسمح له بالاختلاط مجددا مع الناس، ويقام له احتفال جماعي بالمناسبة.
لكن هل ستستطيع تلك القبائل التمسك بتقاليدها وأعرافها مع دخول التلفزيون والمجلات الفنية إلى مضاربها, أم سيكون أسهل عليها أن تمنع تلك المظاهر التي تهدد استقرار شعوبها.
فشعار التلفزيون الأهم هو: انظروا إلي أولا والباقي لا أهمية له، وهذا النظر المستمر ينشر اللامبالاة والقبول السطحي بالإشاعة، وهو الأمر الذي يستخدمه أصحاب الشهرة للتسلق على جماهيرهم. ويستغلون كثرة الظهور على الشاشة لإيجاد شرعية لمكانتهم, وبأن رسالتهم عظيمة ويضحون من أجل خاطر محبيهم حتى لو كان على حساب مشاعرهم ووقتهم. من ضمن الرسائل المعلنة أخيرا, إعلان صريح لفنانة تونسية بأن رسالتها ستكون نشر الحب بين الناس، ولن توقف مشاريعها الفنية رغم الأحداث التي يمر بها بلدها تونس. فهي ستطلق ألبومها الجديد باللهجة المصرية بمناسبة "عيد الحب". فهل في رأيها أن الجمهور المصري ومن قبله التونسي ما يزال في قلبه مكان لرسائل من هؤلاء المتسلقين، ألم تسمع أن صوت الشارع تفوق على كل الأصوات، كما أن الحب لا يحتاج إلى مناسبة لتعبر عنه!
ملاحظة: في بعض الأقاليم الروسية يعتبرون "عيد الحب" ظاهرة غير صحية وتخل بالتوازن، ويطلقون عليه المناسبة المؤذية للروح.