النفط وموجة التقلبات الاقتصادية

ارتفاع المخزونات وتصاعد التوترات التجارية وضعت ضغوط هبوطية على أسعار النفط على مدى الأسبوع الماضي. حيث، عززت الزيادة الأكبر من المتوقع في مخزونات الخام الأمريكي مخاوف الطلب، في حين أن تباطؤ الاقتصاد الصيني زاد من تفاقم التوقعات الهبوطية.

تراجعت العقود الآجلة لخام برنت وغرب تكساس الوسيط عند التسوية يوم الجمعة، مسجلة ثاني انخفاض أسبوعي على التوالي منذ بداية العام، حيث استقر خام غرب تكساس الوسيط عند 72.53 دولار للبرميل، بانخفاض 2.85% وأغلق خام برنت عند 75.67 دولار للبرميل بانخفاض 3.65%.

لكن، الأسعار عادت وارتفعت يوم الإثنين بعد التزام "أوبك بلس" بسياستها الإنتاجية المقررة وفرض رسوم جمركية على كندا والمكسيك والصين، الأمر الذي أثار مخاوف من حرب تجارية واضطراب الإمدادات من 2 من كبار الموردين للولايات المتحدة.

ساعة إعداد هذا المقال، صعد خام غرب تكساس الوسيط أكثر من 1% إلى 73.60 دولار للبرميل. وزادت العقود الآجلة لخام برنت 0.6 % إلى 76.26 دولار للبرميل. مع ذلك، من المرجح أن تستأنف الأسعار اتجاهها الهبوطي بمجرد انحسار الصدمة الأولية.

على جانب العرض، كشفت أحدث البيانات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة عن ارتفاع مخزونات النفط الأمريكي بنحو 3.5 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في 24 يناير. جاء هذا الفائض غير المتوقع مع تباطؤ معدلات تشغيل المصافي بسبب العواصف الشتوية، ما أدى إلى إضعاف الطلب في الأمد القريب ودفع الأسعار إلى الأنخفاض.

كما عكست مخزونات البنزين والمقطرات علامات ضعف الطلب، ما أضاف إلى المعنويات الهبوطية. مع قيام المصافي بخفض معدلات التشغيل وصعوبة تعافي الطلب، تظل التوقعات في الأمد القريب ضعيفة. ويمثل هذا الارتفاع في المخزون استمرارا لاتجاه ارتفاع المخزونات على مدى الأسابيع القليلة الماضية، ما يشير إلى أن العرض يفوق الاستهلاك.

من ناحية الطلب، تباطؤ الاقتصاد الصيني يزيد من تفاقم التوقعات الهبوطية. نشرت الصين الأسبوع الماضي، أكبر مستورد للنفط في العالم، بيانات تصنيع أضعف من المتوقع، ما أثار مخاوف جديدة بشأن الطلب العالمي على الطاقة. انخفض مؤشر مديري المشتريات الرسمي للبلاد إلى 49.1، وهو أدنى مستوى له في 5 أشهر، ما يشير إلى تباطؤ في النشاط الصناعي.

من ناحية أخرى، فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات الكندية والمكسيكية سيؤدي إلى تزايد التقلبات في السوق. تعد كندا والمكسيك أكبر موردي النفط للولايات المتحدة، حيث صدرت كندا 3.9 مليون برميل يوميا والمكسيك 733 ألف برميل يوميا في 2023، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية. يمكن أن تؤدي الرسوم الجمركية على النفط إلى تعطيل التدفقات، دفع أسعار النفط الأمريكية إلى الارتفاع، وتشدد العرض، لكن التأثيرات الاقتصادية الأطول أجلا يمكن أن تثبط الطلب.

لذلك، واستجابة للمخاوف التي أثارتها مصافي النفط وولايات الغرب الأوسط، تم فرض 10% فقط على منتجات الطاقة من كندا، ولكن من المتوقع فرض مزيد من التعريفات الجمركية في منتصف فبراير. في حين تواجه واردات الطاقة المكسيكية التعريفة الجمركية الكاملة البالغة 25%.

وبعيدا عن تداعيات التعريفات الجمركية، قررت "أوبك بلس" في اجتماعها في 3 فبراير الالتزام بسياستها الإنتاجة الحالية للبدء في تخفيف التخفيضات تدريجيا ابتداء من أبريل، رغم المطالب بزيادة الإنتاج. حيث إن الأولوية للمجموعة هي تحقيق التوازن واستقرار السوق والتأكد من وجود إمدادات كافية لتلبية الطلب المتزايد. وأكد البيان الصادر عن اللجنة الوزارية المشتركة لمراقبة الإنتاج في أعقاب الاجتماع مرة أخرى على أهمية التزام الدول الأعضاء بأهداف الإنتاج. وشدد البيان على ضرورة التزام الدول الأعضاء التي تجاوزت أهدافها بالوفاء الكامل بتعهداتها للتعويض عن الإنتاج الزائد في الماضي.

التزام "أوبك بلس" بسياستها الإنتاجية المقررة وإدراج النفط في التعريفات الجمركية الأمريكية على كندا والمكسيك وفرا دعما صعوديا لأسعار النفط الأمريكية. ولكن، العواقب الاقتصادية الأوسع قد تؤدي في النهاية إلى ضعف الطلب. بالفعل، لا يزال المشاركون في السوق متشككين بشأن تحقيق مكاسب مستدامة، حيث يتوقع كثيرون أن تستأنف الأسعار اتجاهها الهبوطي بمجرد انحسار الصدمة الأولية.

وفي الوقت الحالي، تظل أسعار النفط عرضة لتقلبات حادة، حيث تؤدي مستويات المقاومة والدعم دورا رئيسيا في تشكيل أنماط التداول على المدى القريب. قد يؤدي اختراق مستويات المقاومة إلى مزيد من الاتجاه الصعودي، ولكن بدون دعم أساسي قوي، فمن غير المرجح أن يستمر هذا التحرك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي