عام الاتحاد الجمركي الخليجي

مرحبا باعتبار نهاية 2011 موعدا نهائيا للموافقة على كل الأمور المتعلقة بالتنفيذ الكامل لمشروع الاتحاد الجمركي الخليجي. والالتزام هنا عبارة عن اتفاق تم الكشف عنه الأسبوع الماضي يتعلق بتبني جدول زمني خلال العام الجاري للانتهاء من تطبيق هذا المشروع الحيوي, الذي يعود تاريخ دخوله حيز التنفيذ إلى عام 2003.

أهداف حيوية
حقيقة القول، يعد مشروع السوق الخليجية المشتركة حيويا كونه يهدف في نهاية المطاف إلى توحيد التجارة الخارجية للدول الست مع الدول غير الأعضاء. بيد أنه تم تأجيل موعد تطبيقه النهائي عدة مرات بسبب مصاعب تتعلق بآلية توزيع نسب الإيرادات الجمركية بين الدول الأعضاء، فضلا عن حماية الوكيل والإجراءات الإدارية الروتينية عند المنافذ, إضافة إلى التعامل مع تداعيات قيام كل من البحرين وعمان بإبرام اتفاقية للتجارة بصورة منفردة مع الولايات المتحدة.
ويبدو أن هدفا غير معلن للتوجه الجديد عبارة عن وجود دخول مجلس التعاون الخليجي في مفاوضات مع منظمة التجارة العالمية. يكمن الهدف النهائي في الحصول على اعتراف دولي للاتحاد الجمركي الخليجي تستبعد فيه الرسوم والضرائب الجمركية، وكل اللوائح والإجراءات المقيدة للتجارة بين دول الأعضاء, فضلا عن الخضوع لأنظمة وقواعد المنظمة الدولية. ومن شأن الحصول على شهادة كهذه تعزيز المكانة الاقتصادية لمجلس التعاون الخليجي على المستوى الدولي، وهو أمر مهم في عصر العولمة، حيث المنافسة عالمية.

معضلات إدارية متنوعة
لا شك أنه لأمر محير عدم قدرة دول المجلس الست حتى الآن على تطوير معادلة عادلة لتوزيع نسب الإيرادات، وفي إطار معالجة هذا الموضوع، حصلت شركة برايس ووتر هاوس كوبر الأمريكية على عقد في 2008 لإعداد دراسة لحل الإشكالية المرتبطة بتوزيع العوائد الجمركية بين الدول الأعضاء.
من جملة القضايا العالقة الأخرى، هناك معضلة عدم التزام بعض الدول الأعضاء بالتعرفة المتفق عليها وقدرها 5 في المائة مع الواردات القادمة من جميع الدول الأخرى لأسباب مختلفة منها العمل على حماية المنتجات الوطنية. يعد هذا الأمر غير مقبول, لكن لا يمكن استبعاده في ظل الغياب الكامل لمشروع الاتحاد الجمركي.
كما توجد معضلة عدم انسياب حركة الشاحنات على الحدود لأسباب تتعلق بالإفراط في إجراءات تفتيش البضائع ومعاينتها في بعض المنافذ الجمركية. وتشمل التعقيدات الأخرى وجود اختلافات بين دول المجلس حول بعض المواصفات والمقاييس.
وحسب الاتفاق المعلن، من المنتظر عقد اجتماع لمديري الجمارك في الدول الأعضاء بداية نيسان (أبريل) يتعلق بمسألة المراكز الحدودية, حيث الدعوة لجعلها نقاطا أمنية أكثر منها جمركية. يكتسب هذا التاريخ أهمية كونه يأتي في سياق التهيئة للقمة التشاورية رقم 13 لقادة دول مجلس التعاون الخليجي.

اتفاقيات للتجارة الحرة
من جهة أخرى، فرض توقيع كل من البحرين وعمان اتفاقية منفردة للتجارة مع الولايات المتحدة مسألة دخول سلع أمريكية معفاة من الرسوم، الموضوع في حاجة إلى معالجة، نظرا لقدرة الولايات المتحدة على تصدير مختلف السلع المعفاة من التعرفة الجمركية عبر كل من البحرين وعمان, الأمر الذي يعني الحصول على أفضلية تنافسية في أسواق المنطقة.
ولعبت الحاجة إلى تعزيز فرص العمل للمواطنين دورا محورياً في قرار كل من البحرين وعمان بإبرام اتفاقية للتجارة الحرة في السنوات القليلة الماضية بقصد الانكشاف على السوق الأمريكية، التي تعد الأكبر في العالم بلا منازع، حصول البحرين وعمان على قدرة تصدير منتجات إليها معفاة من الضرائب، وبالتالي المساهمة في المحافظة على بعض الوظائف وإيجاد أخرى.
وتشمل الأهداف الأخرى القدرة على استقطاب استثمارات مباشرة من الشركات الأمريكية لقاء تحسين بعض القوانين. واضطرت البحرين, ونزولا عند الإصرار الأمريكي, إلى تطوير قوانين الملكية الفكرية كشرط مسبق لدخول الاتفاق حيز التنفيذ. وبشكل أكثر تحديدا، وفعلا وافقت البحرين على تطوير قانون يحمل الاسم (حقوق المؤلف والحقوق المجاورة). وتضمن القانون غرامات وجزاءات محددة للمخالفين. يتعلق الموضوع بوجود ضمانات لاحترام الحقوق المتعلقة ببرامج الكمبيوتر، فضلا عن أقراص (سي دي) والكتب, أي الإبداع الذهني. بدورها، اضطرت عمان إلى تبني قوانين جديدة تتعلق بحقوق العمالة الوافدة نزولا عند الضغط الأمريكي.

نظرة تفاؤلية
ختاما، يشكل عدم التطبيق الكامل لمشروع الاتحاد الجمركي حرجا لدول مجلس التعاون على الصعيد الدولي، لأن عدم تطبيقه بالشكل الكامل يقلل من مستوى الجدية التي تأخذ بها التكتلات الاقتصادية الأخرى مثل الاتحاد الأوروبي المشاريع التي يقوم مجلس التعاون الخليجي بتطبيقها مثل السوق الخليجية المشتركة في 2008 والاتحاد النقدي الخليجي في 2010.
يؤكد مشروع السوق الخليجية إفساح المجال أمام قوى الإنتاج بالتحرك من دون قيود بين الدول الأعضاء. في المقابل، يتميز مشروع الاتحاد النقدي الخليجي بعدم انضمام كل من الإمارات وعمان إليه لأسباب خاصة. باختصار، المطلوب توحيد كل الأمور المتعلقة بمشروع الاتحاد الجمركي الحيوي, الذي يعد من المشاريع السهلة نسبيا, خصوصا قياسا بالاتحاد النقدي الذي يتطلب توحيد السياسات المالية والنقدية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي