«أرامكو» وإدارة مشاريع الدولة.. من يتحمل التكلفة؟
أعلن أمير منطقة مكة المكرمة أن مشاريع البنية التحتية ستكلف شركة أرامكو بإدارتها وقد تقوم الشركة بإنشاء إدارة متخصصة لهذا الموضوع كما في الخبر الصحافي في جريدة ''الاقتصادية''، وهو إشارة واضحة وقوية لعجز الجهاز الحكومي عن القيام بدوره. وقبل تقريبا ثلاث أو أربع سنوات عهد خادم الحرمين الشريفين لـ ''أرامكو'' بإنشاء وإدارة جامعة الملك عبد الله. لا شك أن شركة أرامكو من الشركات المحلية التي أثبتت كفاءتها..وحسب تجربتي البسيطة مع الشركة، فإن الشركة استطاعت أن تكسب ولاء العاملين معها بشكل لم أره في القطاعين الحكومي والخاص. كما أن الشركة استطاعت أن تكسب احترام القطاعين العام والخاص.
إن تحويل مشاريع الدولة لكي تدار من قبل شركة أرامكو على الرغم من المميزات المتوقع أن تتحقق من ذلك كمقارنة بالجهاز الحكومي، إلا أنه يحمل في طياته تكاليف أخرى وآثارا سلبية وتبعات نحتاج إلى أن ننظر إليها بعمق. فأولا، شركة أرامكو شركة متخصصة في النفط وإدارة مشاريعه وتنطلق من نظريات الشركات في تعظيم الأرباح ومن المتوقع ألا تستطيع أن تعمل في ظل تعظيم الرفاه الاقتصادي الذي من المفترض أن الجهاز الحكومي تم تدريبه للقيام بهذا الدور!!... فإدارة شركة أرامكو للمشاريع الحكومية ربما تنطلق من تعظيم الربح وتتجاهل إلى حد كبير الرفاه الاجتماعي والاقتصادي، مما يؤثر في مستقبل علاقة هذه المشاريع سواء تعليمية أو بنية تحتية على الرفاه الاقتصادي للمجتمع. كما أن إشغال ''أرامكو'' بمشكلات الحكومة سيبعدها مع مرور الوقت عن أداء دورها المهم للاقتصاد المحلي والعالمي. فإذا تم تسليم ''أرامكو'' المشاريع التي يجب أن تديرها الدولة في كل منطقة ومدينة فإننا أمام مأساة حقيقة في الوضع العام ومستقبل أداء الشركة والجهاز الحكومي. إضافة إلى ما سبق، فإن دفع الرواتب للجهاز الحكومي مع عدم قيامه بدوره هو هدر للمال العام الذي هو ملك للمجتمع ككل، فالأجهزة الحكومية تم إنشاؤها حسب التخصصات التي يحتاج إليها البلد وتم ضخها بالموظفين والميزانيات الضخمة للقيام بدورها في تحقيق التنمية الحقيقية. فإذا المسؤولون في البلد تجاهلوا هذه الأجهزة وإصلاحها باللجوء إلى ''أرامكو'' وتحميلها تبعات فشل الجهاز الحكومي للقيام بدوره، فإن هذا يشكل هدرا للمال العام. لذا إما أن يتم حل الجهاز الحكومي وتقليد ''أرامكو'' مسؤولية إدارة المشاريع الحكومية وإما يتم دراسة أسباب الوضع السيئ الذي تعيشه الأجهزة الحكومية ليتم معالجة ذلك.
لكن الأسئلة التي يجب أن تتم مناقشتها بأسرع وقت والبحث عن إجابة لها هي: ما الأسباب التي أدت لفشل الجهاز الحكومي عن القيام بدوره؟ لماذا نجحت ''أرامكو''؟ إذا كان هناك اعتراف بفشل القطاع الحكومي ونجاح ''أرامكو''.. ماذا يجب أن يُعمل وبأسرع وقت؟
لذا من الواجب على المسؤولين في الحكومة دراسة الأسباب التي أدت إلى فشل الأجهزة الحكومية للقيام بدورها ومعالجة ذلك.. فالعاملون في ''أرامكو'' والأجهزة الحكومية في الغالب هم من أبناء هذا البلد، إذن ما الفرق؟.. وقد يكون من المناسب أن تتم الدراسة من خلال جهات مستقلة سواء الجامعات المحلية أو شركات الاستشارات أو كلتاهما للمقارنة والاستفادة. إن الدراسة المتعمقة في الموضوع ستساعد على توقيف أو تخفيف الهدر المالي !!.. وتسهم في معالجة الخلل لتحقيق التنمية المنشودة ورفع مستوى الرفاه للمواطنين وتقليل المخاطر التي تواجه المستثمرين بدلا من أن تنعكس هذه الأخطاء على معادلة التكاليف للشركات لترفع تقديم الخدمة للمواطنين.