«خدمات الطرق» تستنجد بـ «أرامكو» لانتشالها من واقعها المرّ

لا أعتقد أن هناك شخصين يختلفان على أن طرقنا البرية ليس لها منافس من الدول المجاورة, بل إنها قد تنافس الدول المتقدمة في العالم الأول, في الوقت نفسه لا أعتقد أن هناك شخصين يختلفان على كارثية أوضاع خدمات الطرق البرية, وأقصد بها محطات البنزين واستراحات الطرق في المملكة, التي لا ننافس بها حتى دول العالم الثالث!
إن مراكز الخدمة وأهمها دورات المياه على الطرق السريعة تشوه الوجه الجميل لأكبر وأفضل شبكة خطوط برية في الشرق الأوسط, والأهم من ذلك أن وضعها الحالي ـــ مع الأسف ـــ في نظر كثيرين يعكس حقيقة ثقافتنا وحضارتنا كشعب وأمة ومجتمع وأفراد, وقبولنا الوضع القائم وعدم تقويمه إنما يعزز هذه السمعة السلبية.
وفيما يلي سأقترح خريطة طريق لتحديث هذا القطاع المهم والحيوي:

أولا، المسلمات
لا أظن أنني سأختلف مع القراء والمسؤولين أو الغالب منهم على المسلمات التالية:
• إننا دولة اقترن اسمنا بالطاقة والوقود, لذلك يجب أن نكون الأفضل والأمثل في الخدمات المقدمة في كل ما له علاقة بهذا القطاع.
• إن المملكة بحكم تشرفها باحتضان الحرمين فهي قبلة الزائرين والحجاج والمعتمرين, الذين لا ينفكون عن السفر براً واستخدام هذه الاستراحات.
• إن الرقعة الكبيرة التي تحتلها المملكة لا يمكن تغطيتها وخدمة مواطنيها إلا باستخدام شبكة الطرق البرية التي تعد الأضخم في المنطقة.
• إن سمعتنا كدولة وشعب تقترن ولا تنفصل بحال من الأحوال عن الخدمات التي نقدمها على محطات الطرق، التي يشمئز منها أي زائر للمملكة, إذ إنها أول ما يقابله المسافر إلى المملكة براً.
• إنه لا يمكن أن تقوم قائمة للسياحة في المملكة دون استخدام الطرق البرية, التي تعد استراحات الطرق أحد الاعتبارات الرئيسة في اتخاذ القرار بالسياحة الداخلية من عدمه.
• إن الشركات الكبرى المساهمة والخاصة فشلت بشكل عام حتى الآن في تحسين خدمات الطرق, بل حتى في إقامة محطات بنزين نموذجية داخل المدن.
• الحفاظ على مكتسبات المستثمرين الحاليين في محطات الوقود, حيث إن الهدف تحسين الخدمة وليس احتكارها.
• مع الأسف أن كثيرا من المحطات والاستراحات على الطرق، بل حتى داخل المدن تسيطر عليها العمالة الأجنبية, وفي كثير من الأحوال غير النظامية, والعلاقة بين كثير من المحطات والعاملين حقيقتها التستر, خاصة للخدمات التجارية المصاحبة لها مثل البنشر ومحل تغيير الزيت والبقالة.
ثانياً: الفرضيات
لنجاح هذا المشروع سأفترض الفرضيات التالية:
• إن هناك اعترافا بالمشكلة وواقعها من قبل المسؤولين.
• إن هناك نية صادقة ورغبة ملحة واستعدادا للتغيير بهدف تحسين خدمات الطرق.
• لا أتوقع الترحيب بالمشروع من قبل المستثمرين, لذلك يجب على المسؤولين الاستعداد لتحمل تبعات التغيير حتى لو كانت مؤلمة بشكل مؤقت, بهدف الوصول إلى الغايات السامية للمشروع.
• قناعة ''أرامكو'' بتحملها جزءا من مسؤولية هذا القطاع, على الأقل لو من حيث المسؤولية المهنية والاجتماعية, على الرغم من قناعتي بالربحية المضمونة فيه.
• اقتناع المسؤولين بأن ''أرامكو'' هي الحصان الرابح للرهان عليه والشراكة معه.
• اتخاذ القرارات اللازمة والتصحيحية من دون تأخير وتسويف.

ثالثاً: خطة التنفيذ
أقترح اتخاذ الخطوات التالية (التي تتطرق للعموميات وتحتاج إلى بعض الدراسات وكثير من التفاصيل), وفق التسلسل التالي:
1. يتم إيقاف إصدار التراخيص لمحطات البنزين وخدمات الطرق داخل المدن وخارجها.
2. تأسيس شركة مساهمة مغلقة لخدمات الطرق ومحطات الوقود.
3. تتملك شركة أرامكو 70 في المائة من أسهم الشركة المساهمة.
4. يكتتب الجمهور بـ 30 في المائة من القيمة المتبقية.
5. تعطى الشركة المساهمة حق الامتياز الوحيد لتشغيل محطات البنزين على الطرق وكذلك داخل المدن, ويحق لها منح هذا الحق للغير مع تحملها مسؤوليات جودة الخدمة المقدمة منه.
6. تضع الشركة المساهمة المعايير اللازمة لتشغيل المحطات وكذلك تصنيفها وفقاً للحجم والخدمات ولداخل المدن وللطرق السريعة والطرق الريفية ... إلخ.
7. تشمل هذه المعايير على سبيل المثال: المساحة, شروط السلامة, نوعية البناء والتشطيب, الخدمات المصاحبة المجانية مثل المصلى ودورات المياه والمواقف, الخدمات المصاحبة التجارية مثل البقالة والصيانة وغيار الزيت والبنشر والمحال الأخرى, طريقة التشغيل, النظافة, الصيانة, وعدد العمالة وشهاداتهم وتدريبهم ... إلخ.
8. يتم وضع المعايير لكل خدمة بشكل تفصيلي, مثلاً في دورات المياه يجب أن تحدد: عدد دورات المياه للرجال ومثلها للنساء, ومساحة كل دورة وتصميمها, وتشمل حماما إفرنجيا واحدا على الأقل لكبار السن, عدد المغاسل, وتكون جميعها نظيفة وصالحة للاستخدام ومجهزة بشطافات الوضوء, المياه النقية, الصابون, المناديل, مراوح الشفط, لوحات واضحة للدلالة عليها, ومواقف مناسبة ... إلخ.
9. تبتكر الشركة المساهمة العلامة التجارية الخاصة بها (''كوين'' مثلا) مشتقة من خليط: أرامكو وبنزين، وتسجلها رسمياً.
10. تملك الشركة المساهمة محطاتها الخاصة بها وتقوم بتشغيلها بشكل مباشر.
11. تقوم الشركة المساهمة بمنح حقوق التشغيل للغير, بشروط محددة وتفصيلية ولمدد معينة, وتحصل على نسبة معينة من المبيعات مقابل الرقابة على الجودة والتشغيل.
12. تؤسس هذه الشركة وحدة خاصة لإعطاء التراخيص وحقوق الامتياز.
13. تكون لهذه الشركة وحدة خاصة مهمتها مراقبة الخدمات لمحطات الوقود على الطرق ومستقبلاً داخل المدن.
14. تعطى المحطات والاستراحات القائمة مهلة معينة لا تزيد على سنة للالتزام بشروط التشغيل المفروضة من الشركة المساهمة.
15. إذا لم تلتزم أي من المحطات القائمة بشروط التشغيل الجديدة خلال المدة المحددة, يتم تقييم المحطة, فإذا كان التطوير والالتزام هامشياً يتم سحب الترخيص وتقفل المحطة, وإذا كان التغيير جاداً وكبيراً والملاحظات هامشية فيتم إعطاء مهلة إضافية لإنهاء الالتزام بشروط التشغيل.
16. المحطات التي تثبت التزامها بشروط التشغيل يتم تعديل لوحاتها إلى العلامة التجارية للشركة الجديدة ''كوين''.
17. يتم التطبيق بأنظمة واضحة ومراقبة متتابعة وتطبيق صارم بعيداً عن الواسطة والمحسوبية.
18ـ تطبق الأنظمة نفسها على المحطات داخل المدن كمرحلة ثانية.
قبل الختام .. أتمنى أن يحصل هذا المشروع على القوة والصلابة نفسيهما في التنفيذ التي تلقاها نظام ''ساهر'', ولعمري إنه لا يقل فائدة عنه, بل إنه أعدل مقصداً.
ختاماً .. لضمان فهم أوضح وتصور أشمل وقناعة أكبر لهذا المقترح فإني أوجه الدعوة لكبار المسؤولين في الدولة وشركة أرامكو لزيارة محطات الوقود المنتشرة داخل المدن وعلى الطرق (دون سائقيهم)، علماً بأن الزيارة لن تكتمل إلا باستخدام مرافق هذه المحطات خاصة دورات المياه والصلاة في مساجدها, ولاستكمال الفائدة والتقييم الصحيح فإني أقترح عليهم أن يصطحبوا عائلاتهم معهم .. ففي قسم النساء ما خفي أعظم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي