حكمة ملك ووفاء شعب وأبعاد الاستقرار الاقتصادي
لم أواجه تحديا في حياتي الكتابية من حيث إيجاد العنوان المناسب لمقال مثل ما لقيته عند التفكير في عنوان هذا المقال، فالحدث يحتاج إلى عناوين وإلى مجلدات لإيفائه حقه. فقد جسد شعبنا الكريم وقائدنا المحبوب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ــــ حفظه الله ـــ نمطا جديداً وصورة رائعة لعمق التلاحم والوفاء لمرحلة مشرقة من الاستقرار السياسي في السعودية, وذلك من خلال التعاطي مع أزمة يوم الجمعة ومن خلال الأوامر الملكية الأخيرة، في وقت بالغ الأهمية على جميع الأصعدة، وجاءت الأوامر الملكية في وقت أثبت الشعب أن الاستقرار هو خط أحمر لا يساوم عليه أحد، وأن المشكلات الاقتصادية والشعبية يمكن حلها وإدراكها إذا كانت هناك قيادة حكيمة تقرأ الأحداث وتثق بشعبها. وهذا هو الدرس المهم المستفاد من جمعة التلاحم والوفاء، وجمعة المحبة والعطاء.
إن الأوامر الملكية الأخيرة التي أتت استمرار للنماء والنهضة التي شهدها ويشهدها حكم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله ــــ حفظه الله ــــ تعطي جميع المؤشرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على صلاح القيادة وبعد نظرها، وعلى العزم الدؤوب لهذه الحكومة على رسم خطط واضحة لمستقبل هذه البلاد، وكذلك هي مرحلة لإعادة إثبات ولاء أبناء هذا الوطن وثقتهم بالحكم والحكام لما فيه مصلحتي الدين والدنيا، وهذه الأوامر تأتي امتدادا لغيرها من القرارات التي تصب في مصلحة الوطن على المستويات كافة، وهذا الأوامر بالتحديد هي منعطف تاريخي كبير في مسيرة هذا الوطن من حيث الثبات السياسي والاستقرار الأمني والاقتصادي ـــــ والمهم في هذا القرار أنه ألجم الأفواه المشبوهة والمسعورة والمأجورة التي ما فتئت تشكك في حاضر ومستقبل الحكم السياسي في المملكة وتدس السم في الدسم عند الحديث عن بلاد الحرمين وقبلة المسلمين وملاذ المحتاجين وحلم المستثمرين والاقتصاديين. جاءت هذه المواقف الوطنية من الشعب والحكومة لتقول لهم ــــ موتوا بغيظكم فإننا نعيش في استقرار سياسي ورغد اقتصادي ومكانة عالمية مرموقة، دافعها الأساسي صلاح الراعي ومحبة وثقة الرعية.
وهنا يجدر الحديث عن الأبعاد الاستثمارية لهذه الأوامر، وحين نقول الأبعاد الاستثمارية فإن المرجعية هي أن الاستقرار السياسي يعتبر من أهم عوامل اتخاذ قرار الاستثمار فيما يعرف بالتحليل الاستثماري أو ما يعرف بـ PEST analysis وهو اختصار للتحليل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتكنولوجي لأي دولة عند الحديث عن بيئة استثمار مستقره ومناسبة وصحية تساعد على بناء الاستثمار، دون الخوف من أحداث سياسية تقلق منام المستثمرين، وهذا التحليل موثق في جميع دراسات الاستثمار بجميع أشكالها.
إن الاستقرار السياسي هو المحرك الأساسي للاقتصاد المتقدم المتنوع وهو محور الارتكاز لقرارات الاستثمار، ونرى في دراسات ونتائج تدفق الاستثمارات الأجنبية التي تصدرها المنظمات الدولية دليل إثبات على أن أكثر الدول جذبا للاستثمار هي الدول التي تنعم باستقرار سياسي ومنها ـــ بفضل الله ـــ المملكة. إن الأرقام التي تجتذبها الدول المستقرة سياسيا هي نتيجة لدراسات وتحليل يقوم عليه المسؤولون عن كبريات الشركات العالمية سواء الوطنية أو الأجنبية حين يفكرون في الاستثمار في أي من بقاع المعمورة، والأحداث السياسية والأمنية في خلال الفترة الماضية والحالية تعطي أهم الإثباتات على أننا نعيش في رغد من العيش ـــ ولله الحمد، والأرقام تثبت أن الآثار الاقتصادية السلبية على تلك الدول يدفع ثمنها الأكبر شركات القطاع الخاص. فلا أمن ولا استقرار ومن ثم لا موارد مالية للشعوب، وعليه فإن شركات القطاع الخاص ستغلق أبوابها وتنتهي أسباب نموها ويعود ملاكها إلى منازلهم. ببساطه انتهت قصة تعظيم الثروات وفق نظرية الرأسمالية الجشعة.
إن القرارات الملكية هي إعادة إثبات أو لنقل تذكير على أن المملكة تتميز باستقرار سياسي تحت حكم الأسرة الحاكمة يساعد الجميع على بناء اقتصاد واستثمار بعيدا عن الخوف من متغيرات أمنية وسياسية قد تؤثر في استمرار ذلك الاستثمار، ولذلك فإن القطاع الخاص في المملكة يجب أن يعي أن الاستقرار السياسي والأمني والرفاه الاجتماعي الاقتصادي هي مربط الفرس في استمرار العجلة الاقتصادية في الدوران، ليس الدوران بشكل عادي، وإنما هناك محفزات حكومية غير مسبوقة تدفع العجلة للدوران بشكل أسرع، وهذا ما يعني نموا في أرباح الشركات وتوسعا في استثماراتها وزيادة في أرباحها، كيف لا، ونحن بنظرة بسيطة نستطع القول إن جميع الأوامر الملكية تنتهي نتائجها في ميزانيات شركات القطاع الخاص. لذلك يجب على جميع شركات القطاع الخاص بجميع أحجامها أن تعي الرسالة وأن تتفاعل مع ما تفاعل من الشركات مع القرارات الملكية فيما يخص صرف المكافآت لموظفيها.
ختاماً، نحمد الله ونثني عليه على ما مّن به علينا من الأمن والأمان ومن رغد العيش، في ظل ولاة أمر نحبهم ونثق بهم ونأمل أن نرى قرارات أخرى تصب في مصلحة الوطن والمواطن.
فواصل
• كما وصلني من أم محمد:
''موضوع الراتبين يستحق الكتابة، يتحقق فيه مطلب الملك عبد الله بالدعاء له''.