موظف البنك وساعة الرولكس
قرأت مقالاً في وقت سابق عن الصينيين وسر شغفهم بلبس ساعات الرولكس، خصوصاً كلما كان طرازها من تلك التي يظهر شكلها غلاء قيمتها وارتفاع سعرها حتى إن الأنواع الأغلى من هذه الساعات قد توحي أن صاحبها من أهل مدن معينة كـشنغهاي وشنزين أو حتى بكين لما عُرف عن هذه البلدان من رفاه وحياة مدنية أعلى من غيرها من المدن الأخرى في الصين. وليس هذا فحسب، بل إن المقال يورد إحصائية عن رئيس اتحاد مصنعي الساعات السويسرية، بقوله: إن 52 في المائة من قيمة صادرات الساعات السويسرية لأول 11 شهراً من عام 2010 ذهبت إلى آسيا. وفي ذلك دلالة على اهتمام الآسيويين، وعلى وجه الخصوص، الصينيين ورغبتهم دوما في اقتناء هذه الساعات المرتفعة السعر مقارنة بغيرها وبالتالي إعطاء تميز مادي، في إشارة إلى الغنى لذلك الشخص أو رجل الأعمال هذا. والإيحاء من واقع الملبس أو المسكن أو غيرهما من نواحي الحياة وسلوكيات المعيشة وسعي الفرد نحو رغبته في تصنيف نفسه بالانتماء إلى مجتمع معين هو واقع متأصل في سلوكيات الفرد، غير أن المبالغة فيه نحو تغليب المظاهر هي شيء ممقوت جدا، لكونه مبنيا على أسس لا تعكس الحالة الواقعية لذلك الشخص. ولسنا هنا في نقاش عن المظاهر الشخصية بل هو الإيحاء الذي يفهم عن المنشأة التي ينتمي إليها الموظف، وكيف يمكن أن يكون المظهر الشخصي ذا أثر سلبي في المنشأة ذاتها. ففي هذا السياق حدثني أحد مسؤولي البنوك المحلية بقوله إنهم يعملون دوما على توجيه بعض موظفيهم المختصين بعدم المبالغة والتكلف في المظهر الشخصي حين يقابلون عملاءهم الكبار خوفا من أن يفهم أن هناك صرفا مبالغا فيه على موظفيهم. ولذلك يدرك هؤلاء المسؤولون السلبية التي يمكن أن تطول هذا البنك، خصوصا في كفاءة وفعالية إدارته للموارد المالية المتاحة.
والإيحاء بشكل عام بلا شك يمكن أن يكون سلبيا أو إيجابيا إلا أن المحك في نهاية المطاف هو ما يقنع المستثمر أو صاحب الشأن وهو الأرقام الختامية عن الأداء لكن (نظرية الإيحاء) هي واحدة من أبرز النظريات في العلوم المالية والتي مثلما تنطبق على الأشخاص فهي تنطبق على المؤسسات والمنشآت الاقتصادية ذات الكيان الاعتباري. وهذه النظرية ستكون لنا وقفة معها قريبا لكونها تفسر كثيرا من القرارات التي تهم المستثمر أو (المالك) في كونها قناة في التواصل غير المباشر نحو فهم فحوى تلك القرارات.