هل تنقذ الأسواق الناشئة الاقتصاد العالمي مرة أخرى؟

لم يكد ينفك الاقتصاد العالمي من تبعات الأزمة المالية التي عصفت آثارها السيئة تقريباً بكل الاقتصادات العالمية، ثم بدأت تلوح في الأفق في بعض القيادية منها ملامح التعافي حتى اجتاحته مؤثرات سلبية سياسية منها وطبيعية، وأسهمت الأسواق الناشئة في هذا التعافي للاقتصادات العالمية المتقدمة خصوصا، وكان لها دور بارز فيه، بل ربما يمكن القول إنها كان لها أثر معنوي ذو أهمية في إيقاف التداعيات السلبية ودخول العالم في نفق كساد اقتصادي لم يسبق له مثيل. ولست هنا من المنتسبين لنظريات المؤامرات التي أتمنى أننا تجاوزناها، وذلك من الدول المتنفذة الكبيرة على الدول الأصغر، خصوصاً في الشأن الاقتصادي لدرجة الإيمان المطلق.
إن ضغوطاً تمارس على الأسواق الناشئة لحل مشكلات المتقدمة، بل إنني أرى أن كل الدول أيّا كان حجمها في الخريطة الاقتصادية العالمية يمكن أن يكون لها دور معنوي، وذلك من واقع طبيعة عالم الاقتصاد الذي لا يقوم على الفردية، بل على تقاطع المصالح والاشتراك الجماعي في التنمية الاقتصادية. لذا فمثلما كان للأسواق الناشئة الدور الأبرز في تخفيف الانحدار المتسارع وإيقافه على الأقل في الدول المتقدمة، هل ستنجح مرة أخرى في تجاوز آثار ما تمور به المنطقة من أحداث سياسية أو ما خلفته الكوارث الطبيعية من دمار في اليابان بالذات؟
إن المؤشرات الاقتصادية الصادرة من مؤسسات التقويم للجهد لهذه الأسواق تنبئ بأن الأسواق الناشئة ما زالت هي التي ستلعب الدور مرة أخرى، بل ترى كدليل على ذلك الاستثمار في شراء عملات الأسواق الناشئة بدلا من الدولار واليورو لكونها ستزداد إيجابية في قيمها. فعلى الرغم من عدم الاستقرار السياسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والدمار الذي خلفه زلزال اليابان لا تزال هذه الأسواق الناشئة غير مكترثة بهذا القدر السيئ في الأداء، بل جعلها في حالة من النمو، ففي تقرير صدر حديثا من بنك كردي أقريكول يرى أن هناك خمسة أسباب وشواهد للإبقاء على هذه النظرة الإيجابية في دور الأسواق الناشئة ومستقبلها. أولها أن قوة الدفع الاقتصادية من خلال مؤشرات قياسها ما زالت قوية، وثانيها أن الكارثة اليابانية قد تبدو سلبية الأثر في المنظور القصير لكنها قد تتحول إلى إيجابية فيما بعد، وذلك بفعل الطلب على السلع لإعادة الإعمار، أما المؤشر الثالث فعلى الرغم من أحداث الشرق الأوسط فما زالت بعض أسواقه، خصوصا ذات الاقتصادات المؤثرة، تصلها التطمينات التي تضمن حياتها التنموية الإيجابية مثلما حصل في السعودية في الحزمة المالية الاقتصادية المحلية التي أعلنت سابقا، أما المؤشر الرابع نحو النظرة التفاؤلية لهذه الأسواق الناشئة ودورها التنموي في اقتصاد العالم فهو أن هذه الأسواق لم تبلغ مرحلة مبالغا فيها من التقييم، بل إن نتائج مؤشر ما يسمّى المبالغة في التقييم سلبا أو إيجابا للأسواق الناشئة لا توحي بذلك. أخيرا وكمؤشر خامس فعلى الرغم من تهديدات التضخم إلا أن أثره ما زال غير معلوم بمثل ما كان متوقعا بالسلبية، خصوصا أن الاقتصاد العالمي لا يزال يحتمل أسعار النفط العالية.
لذا فجملة القول إن الأسواق الناشئة مثلما لعبت الدور الحيوي في إنقاذ الاقتصاد العالمي من نفق الكساد ربما تدلل مرة أخرى بصمودها في تخطي ما يتعرّض له من آثار سلبية خلفتها وتخلفها الأحداث السياسية أو مفاجآت الكوارث الطبيعية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي