جمعية ماجد بن عبد العزيز من الرعوية للاستدامة

العمل الاجتماعي واحتضان ورعاية المحتاجين وحسن التعامل معهم ودعم قدراتهم والانتقال بهم من حالة العوز والعجز والحاجة إلى الناس إلى حالة الكفاف ثم الغنى ومساعدة الآخرين بدل الحصول على المساعدة والعمل على جعلهم دافعين للزكاة بدل مستلمين لها, وموجدين فرص عمل بدلا من باحثين عنها تمثل, قمة العمل الاجتماعي المستدام المطور للشعوب والناهض بهم إلى مصاف العالم المتحضر المنطلق من حرص مختلف فئاته على بعضها بعضا، وتكامل أعماله المؤسسية بين مختلف القطاعات الممثلة للدولة من القطاع العام إلى القطاع الخاص إلى المجتمع المدني ثم الأكاديمي والإعلامي وتناغمها في عمل جماعي إنساني يعمل على بناء الإنسان البناء السليم المحقق للاستقرار والنمو والتطور.
إن مفهوم الاستدامة مفهوم تنموي معاصر جاء نضجه خلال رحلة التنمية العالمية التي عاشها الإنسان المعاصر خلال حقب تنموية مختلفة من التوازن والتوازي إلى الشامل, ثم الوصول إلى محطة الاستدامة التي تحقق استمرار واستدامة العمل وخيره ونجاحه لأعوام عديدة تنضج فيها الأهداف وتكتمل فيها المشاريع وينتقل فيها الإنسان من حالة الفقر والعوز إلى حالة الاكتفاء ثم الإنتاج والإبداع والنمو والتطور, ويتم من خلالها ضمان الإنتاج والإبداع والنمو والتطور كما يتم ضمنها ضمان استفادة الأجيال المتعاقبة من خير العمل واستمراره.
لقد أبرزت جمعية ماجد بن عبد العزيز للتنمية والخدمات الاجتماعية مفهوم الاستدامة، وجعلته جزءا أساسياً من عملها الاجتماعي التنموي الخيري الذي تعمل من خلاله على دعم الإنسان المحتاج ومد يد العون والمساعدة ليكون مواطنا صالحا منتجا يعتمد بعد الله ـــ سبحانه ـــ على نفسه ويعمل من أجل إنسان المملكة وأرضها بالتنمية والعمل الجاد المخلص, ولقد انتهجت الجمعية النظرة والأداء والقياس العالمي المؤكد على أهمية تحقيق الاستدامة في مجال التنمية الاجتماعية, وتبنت هذا المنهج التنموي السليم في عملها وأخذت بالمقاييس والأهداف العالمية المحققة لذلك منهج عمل ورؤية تنموية تعمل من خلالها لتحقيق أهدافها الخيرة لمصلحة إنسان ومكان المملكة العربية السعودية.
إن جمعية ماجد بن عبد العزيز للتنمية والخدمات الاجتماعية عندما رغبت في أن تتحول من منهج الرعوية إلى الاستدامة فإنها أخذت بالمفهوم العالمي لهذا المصطلح والتوجه المبني على تعريف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ذات الخبرة العالمية المحايدة في مجال الابتكار والاستدامة والقادرة على تقديم التغيير الاجتماعي الإيجابي المبني على إمكانية التطبيق وفقاً للتكامل والترابط بين العوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والسياسية, وهذه العوامل مع غيرها المساعدة على تحقيق تولد فرص العمل وزيادة الدخل وإتاحة الفرصة للوصول إلى الموارد المالية, ومن بينها التمويل الأصغر والإقراض الأصغر الداعم للمشاريع الصغيرة القادرة على إيجاد فرص العمل والحاضنة لها والمطورة والمدربة للمهارات الفنية والإدارية والقيادية لشباب الأعمال والكفاءات المحلية من السكان والأسر المنتجة, وفي هذا المجال يكون التحدي الحقيقي للاستدامة في حسن استخدام رؤوس الأموال الحسنة الرئيسية المتمثلة في الطبيعة والبشرية والاجتماعية والتصنيعية والمالية.
لقد أشار الأمير مشعل بن ماجد بن عبد العزيز رئيس مجلس إدارة الجمعية في كلمته التي تشرح مفهوم الاستدامة وتبني الجمعية لهذا المفهوم بقوله ''تدرك جمعية ماجد بن عبد العزيز للتنمية والخدمات الاجتماعية أن التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي تشهدها المملكة العربية السعودية جزء من التغيرات العالمية في جميع الجوانب وتؤمن بأهمية الدور الذي يجب على مختلف الأفراد والجهات الربحية وغير الربحية على حد سواء القيام به تجاه تلك المتغيرات. ويأتي اهتمام الجمعية بتحقيق التنمية المستدامة في جميع برامجها ومبادراتها إيماناً بأن مسؤوليتها تتخطى الجانب الاجتماعي لتشمل الجانب الاقتصادي والبيئي تجاه المجتمع''.
جاءت رؤية جمعية ماجد بن عبد العزيز للتنمية والخدمات الاجتماعية بناءً على ذلك لتؤكد دورها الرائد في بناء منظومة التنمية المستدامة من خلال تبادل الخبرات وتطبيق آليات تمكين الأفراد داخل مجتمعاتهم في المملكة العربية السعودية, وانعكست هذه الرؤية على مهمة الجمعية لتؤكد الريادة في مفهوم التنمية المستدامة من خلال التفوق في جذب ومشاركة ذوي المصلحة والريادة في إعداد وتنفيذ برامج تنموية مستدامة فاعلة من خلال التفوق في تحويل المشاريع من الإغاثة للتمكين والتأكيد على الريادة في منهجية الأداء ومعايير التقييم من خلال التفوق في تطبيق ممارسات التنمية المستدامة في مستويات الجمعية المتعددة والإسهام المستدام في الناتج المحلي من التفوق في جعل الفرد عنصرا منتجا داخل مجتمعه, ومن هنا جاءت أهداف الجمعية مؤكدة رؤيتها ومهمتها في وضع سياسات وآليات تطبيق مفهوم التنمية المستدامة وتفعيل دور ذوي المصلحة والشركاء على المستويين الداخلي والخارجي وزيادة فاعلية البرامج ونشر وتفعيل ثقافة التطوع ورفع مستوى أداء الجمعية.
لقد حصلت جمعية ماجد بن عبد العزيز للتنمية والخدمات الاجتماعية على جائزة الريادة في التنمية المستدامة خلال الدورة السابعة والعشرين لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية في دول مجلس التعاون العربية لعام 1431هـ ـــ 2010. وأصدرت الجمعية خلال ذلك العام تقرير الاستدامة بالاعتماد على المبادرة العالمية لتقرير GRI تعزيزاً وتأكيداً لحصولها على تلك الجائزة لتصبح بذلك الأولى في القطاع غير الربحي على مستوى المملكة في إصدار تقرير الاستدامة.
إن فكرة الانتقال بالعمل بشكل عام والعمل الاجتماعي بشكل خاص من النظام الرعوي إلى النظام المستدام هو المحقق للتنمية وخيرها والمساعد بعد الله ــ سبحانه وتعالى ــ على القضاء على الفقر والارتقاء بالمجتمع وأفراده إلى حالة تنموية أفضل, وهذا يعضد دعم بقاء واستقرار وربما ارتفاع نسبة متوسطي الدخل, وهي الفئة الأقدر بعد توفيق الله ـــ سبحانه وتعالى ـــ على تحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للدول, لأن كل النظريات الإنسانية المعنية بالتنمية تؤكد أهمية دور الطبقة الوسطى في تحقيق الاستقرار. ولي عودة مرة أخرى ـــ بإذن الله ـــ إلى موضوع دور الطبقة الوسطى في ذلك, وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

وقفة تأمل :
أصادق نفس المرء من قبل جسمه
وأعرفها في فعله والتكلم
وأحلم عن خلي وأعلم أنه
متى أجزه حلما على الجهل يندم
وإن بذل الإنسان لي جود عابس
جزيت بجود التارك المبتسم
وأحسن وجه في الورى وجه محسن
وأيمن كف فيهم كف منعم
وأشرفهم من كان أشرف همة
وأكبر إقداما على كل معظم
لمن تطلب الدنيا إذا لم ترد بها
سرور محب أو إساءة مجرم

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي