دول الخليج في تقرير تقنية المعلومات العالمي
لا شك أنه لأمر جميل تنامي استخدام دول مجلس التعاون الخليجي تقنية المعلومات كأداة للتنوع الاقتصادي والكفاءة والتحديث والابتكار بدليل النتائج المتميزة التي حصلت عليها الدول الست باستثناء الكويت في تقرير تقنية المعلومات العالمي لعام 2011 ــ 2010. التقرير السنوي، الذي ظهر في نسخته العاشرة حديثا، عبارة عن جهد مشترك بين جامعة (إنسياد) لعلوم إدارة الأعمال والأبحاث والمنتدى الاقتصادي العالمي. لدى جامعة إنسياد فروع في كل من فرنسا وسنغافورة والإمارات. بدوره، يتمتع المنتدى الاقتصادي العالمي بشهرة دولية، خصوصا من خلال الفعالية الشتوية في مدينة دافوس السويسرية.
شمولية التقرير
يشار إلى أنه ليس بمقدور العديد من الدول الحصول على فرصة الظهور في هذا التقرير السنوي بسبب عدم توافر معلومات كافية حولها للحصول على تقييم متكامل. لكن لا ينطبق هذا الأمر على دول مجلس التعاون الخليجي حيث تم تصنيف الدول الست ضمن 138 بلدا مشمولا في تقرير 2011 ــ 2010.
من جملة الأمور، يتميز التقرير بالشمولية، حيث يعتمد على عشرات المتغيرات واستطلاع آراء أكثر من 15 ألفا من المديرين التنفيذيين بخصوص أمور مثل مدى انتشار واستخدام تقنية المعلومات والاتصالات مثل الإنترنت وأجهزة الكمبيوتر الشخصية، فضلا عن النظر لبيئة الأعمال مثل التشريعات والبنية التحتية، يتم تصنيف الدول عبر أدائها على مؤشر جاهزية الشبكات.
باستثناء الكويت، تمكنت دول مجلس التعاون من تحقيق نتائج لافتة، خصوصا الإمارات وقطر والبحرين على مؤشر جاهزية الشبكات. فقد حلت الإمارات في المرتبة الـ 24 على مستوى العالم متأخرة مرتبة واحدة عن ترتيبها السابق، لكنها حافظت على ترتيبها كأفضل دولة عربية فيما يخص توظيف تقنية المعلومات.
تقدم قطر
بدورها، تقدمت قطر أربع مراتب وعليه نالت المرتبة الـ 25، أي مباشرة بعد الإمارات. ويمكن ربط الأداء المتطور لقطر بشكل جزئي للتقدم المتواصل في مجال التعليم العالي، وفي ذلك إشارة لاحتضان المدينة الجامعية في الدوحة العديد من المؤسسات التعليمية العالمية، خصوصا من الولايات المتحدة مثل كورنل في مجال الطب، إضافة إلى كارناجي ميلون وتكساس أي آند إم وجورج تاون. تعتمد الجامعات والمعاهد البحثية في قطر على تقنية المعلومات للاستفادة لآخر ما توصل إليه العلم الحديث من ابتكارات.
وفي كل الأحوال، تمكنت قطر بأخذ مكان البحرين كثاني أفضل بلد عربي في مجال الاستفادة من تقنية المعلومات. بل يتوقع أن تواصل قطر مشوار تحسين ترتيبها على مؤشر جاهزية الشبكة، وذلك في إطار استعدادها لاستضافة مباريات كأس العالم 2022، وذلك للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
بدورها، تأخرت البحرين مرتبة واحدة وعليه حلت في المرتبة الـ 30 دوليا، لكنها حافظت على بقائها ضمن أفضل 30 بلدا على مؤشر جاهزة الشبكة. ويعود جانب من الأداء الإيجابي للبحرين على المؤشر لتوظيف تقنية المعلومات في قطاع الخدمات المالية الذي بدوره يشكل ربع الناتج المحلي الإجمالي للبحرين بالأسعار الثابتة. الأمل كبير في ألا تنال تطورات الأحداث الأمنية والسياسية التي ظهرت للعيان في النصف الأول لعام 2011 من قدرة البحرين على المحافظة على موقعها كمقر إقليمي للخدمات المالية، وبالتالي ترتيب البلاد في تقرير تقنية المعلومات.
نجاح السعودية
فيما يخص بقية دول مجلس التعاون الخليجي، فقد واصلت السعودية زحفها متقدمة خمس مراتب للمرتبة الـ 33 على مستوى العالم في التقرير الأخير. اللافت في هذا الصدد حصول السعودية على نتائج عالية فيما يخص الاستثمار على التعليم. بل يتوقع أن تتمكن السعودية من مواصلة تعزيز ترتيبها الدولي لأسباب تشمل تركيز خطة التنمية التاسعة، التي تغطي الفترة ما بين 2010 حتى 2014، على التدريب والتطوير. وتشمل بعض التفاصيل المثيرة للخطة افتتاح 25 كلية تقنية جديدة وتجهيز 28 معهدا تقنيا عاليا، فضلا عن 50 معهدا مهنيا صناعيا. ومن شأن المعاهد الجديدة في حال افتتاحها جعل الاقتصاد السعودي أكثر اعتمادا من قبل على المعرفة والتقنية، الأمر الذي من شأنه تطوير ترتيب المملكة على مؤشر جاهزية الشبكات.
وبطبيعة الحال، تقدمت عمان تسع مراتب وعليه حلت في المرتبة الـ 41 دوليا بعد أن كانت في المرتبة رقم 50 في تقرير العام الماضي. يعد مستوى التقدم العماني الأفضل بين دول مجلس التعاون الخليجي، تلتها السعودية ومن ثم قطر. وأخيرا، تحسن ترتيب الكويت مرتبة واحدة فقط وعليه حلت في المرتبة الـ 75 عالميا. مع الأسف، يعد ترتيب الكويت متأخرا نسبيا عن بقية دول مجلس التعاون الخليجي، خصوصا الإمارات وقطر. بل يلاحظ نجاح العديد من الدول الواقعة في جنوب وجنوب شرق آسيا مثل فيتنام وتايلاند وسريلانكا في الحصول على ترتيب عالمي أفضل من الكويت ما يعد أمرا مقبولا بالنظر لتباين الإمكانات.
ختاما، تتوافر لدول مجلس التعاون الخليجي فرص تحقيق نتائج أفضل في تقرير تقنية المعلومات العالمي، لكن يتطلب الأمر الالتزام بالتطوير المستمر للبنية التحتية والتشريعات لتقنية المعلومات، خصوصا فيما يخص تقديم الخدمات الحكومية.