الأحد, 13 أَبْريل 2025 | 14 شَوّال 1446


ثورة صناعة البتروكيماويات والنفايات الخطرة

لا شك في أن ثورة صناعة البتروكيماويات التي تعيشها المملكة العربية السعودية ستقدم للاقتصاد السعودي الكثير، وذلك بالمساهمة في الناتج القومي وبتنويع مصادر الدخل وكذلك توظيف عدد لا يُستهان به من الشباب السعودي. ولكن ما سلبيات هذه الثورة، وكيف يمكن تفاديها؟ وأكثر سلبيات هذه الثورة هي النفايات الصناعية الخطرة الناتجة عن هذه الصناعة، التي تشكل خطراً على حياتنا وعلى بيئتنا إن لم تتم إدارتها بالشكل الصحيح.
تكمن مخاطر هذه المخالفات في أنها مواد عالية السمية، عسيرة التحلل، وهي إذا دفنت في الأرض تسربت إلى مصادر المياه الجوفية والتربة الزراعية فتلوثها، وتعود إلى الإنسان مرة أخرى من خلال سلسلة الغذاء، فتؤدي إلى وفاته أو إصابته بأمراض خطيرة أو إحداث إعاقة مستديمة، كما أنها تلحق بالبيئة آثارا ضارة قد تمتد آثارها إلى آلاف السنين، فملعقة شاي صغيرة من الديزل أو زيت المحركات، يمكن أن تلوث 30 ألف متر مكعب من المياه الجوفية.
وفي المقال أدناه سوف نتطرق إلى نبذة موجزة عن هذه النفايات وعن أنواعها وكيف يجب إدارتها والتخلص منها بطريقة بيئيه سليمة.

#2#

النفايات الصناعية الخطرة

هي نفايات ناتجة من النشاطات الصناعية أو الطبية أو الزراعية، وهي بسبب كميتها أو تركيزها أو خصائصها الكيميائية أو الفيزيائية أو الحيوية تشكل مخاطر على صحة الإنسان وبيئته من خلال التداول أو التخزين أو النقل أو المعالجة أو التخلص منها بطريقة غير سليمة. ويدخل ضمن هذا التعريف المواد التي تطلق غازات قابلة للاشتعال عند ملامسة الماء، أو تحتوي مؤكسدات عضوية أو مواد سامة أو معدية أو حارقة، أو قادرة على إنتاج مادة أخرى بعد التخلص منها، أو تطلق غازات سامة عند ملامسة الهواء أو الماء. أما التعريف العالمي للنفايات الخطرة والسامة كما ورد في اتفاقية بازل الدولية فهو:
النفايات الخطرة هي: المواد أو الأشياء التي يراد التخلص منها طبقا للأنظمة والقوانين الوطنية التي تحتاج إلى طرق وأساليب خاصة للتعامل معها ومعالجتها، حيث لا يمكن التخلص منها في مواقع طرح النفايات المنزلية بسبب خواصها الخطرة وتأثيراتها السلبية في البيئة والسلامة العامة.
أنواعها: هناك عدة أنواع للنفايات الخطرة منها الطبية والمتفجرة والمشعة والنووية والصناعية والزراعية. ولكن ما يهمنا هو أنواع النفايات الصناعية، وأنواعها:
ـــ أكالة: مادة بسبب خصائصها الحامضية أو القاعدية تسبب تآكل للمعادن.
ـــ سامة: مادة تهدد صحة الكائن الحي عندما تستنشق أو تبتلع أو تكون على تماس مع جسم الكائن الحي.
ـــ متفاعلة: مادة غير ثابتة تحت الظروف العادية ويمكن أن تسبب انفجارات أو تنتج غازات وأبخرة سامة.
ـــ قابلة للاشتعال: مادة تشتعل وتحترق بسهولة وبسرعة مثل المذيبات المتطايرة.
ومن الأمثلة أو الأسماء الدارجة لهذه النفايات، البنزين والديزل وزيوت المحركات، وهناك أيضا البطاريات، الأسيد، الكلور، الإصباغ، الزئبق، الرصاص .. والقائمة تطول.

#3#

كيف تُنتج؟
تُنتج هذه النفايات من معظم المصانع التي تُنتج أو تستخدم مواد كيميائية أو بترولية، مثل مصانع تكرير البترول والأسمنت، مصانع المعلبات ومدابغ الجلود، مصانع الغزل والنسيج، مصانع الإصباغ، مصانع المواد الكيميائية.. إلخ.

كيفية إدارتها

يجب أولاً تحليل النفايات وتحديد خصائصها وتركيبتها، ومن ثم تعبئتها في براميل معتمدة من الأمم المتحدةUN Approved DRUMS ومخصصة لمثل هذا النفايات، ومن ثم يتم وضع الملصقات التعريفية الخاصة بكل منها. وبعد ذلك يتم تخزينها في مستودعات خاصة بها مصممة لتخزين المواد الخطرة، ويتم التأكد من فصلها عند التخزين والنقل لكيلا تتسبب في انفجار أو اشتعال نظراً لتفاعلها مع بعضها البعض. ومن ثم نقلها إلى أماكن التخلص منها إما داخل البلد وإما خارجه، وفي حالة تصديرها يجب أن يكون التصدير بموجب الاتفاقيات الدولية.
طرق التخلص منها

هناك عدة طرق للتخلص من النفايات الخطرة، وبعضها افضل من بعض، وهي:
ـــ إعادة التدوير: وهي أفضل الطرق ولكنها لا تنطبق على جميع النفايات.
ـــ مدافن خاصة: وتكون لبعض النفايات الصلبة، وتكون المدافن مهيأة ومعزولة لتمنع تسرب أي نفايات الى التربة، وعلى الرغم من أن هذه الطريقة ليست سيئة، إلا أنه في يوم من الأيام سنحتاج إلى هذه الأرض المدفونة فيها نفايات خطرة.
ـــ العلاج الكيميائي: ويكون بإضافة مواد كيميائية تتفاعل مع النفاية لتلغي سميتها، وهذا ينطبق على بعض النفايات وليس جميعها.
ـــ الحرق: ويكون في محارق مخصصة، ذات درجة حرارة عالية تصل إلى 1100 درجة مئوية، ويعالج الدخان الناتج قبل خروجه للهواء، كما تتم معالجة الرماد الناتج عن الحرق. وهذه الطريقة من أفضل الطرق؛ حيث إنه يمكن استخدامها في عديد من النفايات، كما يمكن الاستفادة من الطاقة الناتجة عن الحرارة. وجميع الطرق أعلاه مكلفة، ولذلك في حالة عدم وجود قوانين بيئية صارمة، وعدم تطبيقها ومراقبتها، فإن معظم النفايات سيتم التخلص منها بطريقة بيئيه غير سليمة.
كما أن عدم توافر إمكانية للتخلص من هذه النفايات داخل البلد أو السماح بتصديرها، فستكون النتيجة التخلص منها بطريقة بيئيه غير سليمة. والسؤال الذي يجب أن نسأله أنفسنا: هل لدينا الإمكانية للتعامل مع الكميات الهائلة المتوقع إنتاجها من مصانعنا الحالية والمستقبلية؟ وهل لدينا القوانين اللازمة والموظفين المؤهلين للتفتيش على المصانع والتأكد من التزامها بقوانين الدولة البيئية؟ وهل لدينا معلومات عن كمية النفايات المنتجة ونوعيتها، حيث إنه بدون هذه المعلومة لن نستطيع وضع خطط للتعامل معها. وقبل أن يجيب أحد عن هذا التساؤل، يجب أن يتذكر أن صحتنا وصحة أبنائنا وحياتهم على المحك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي