جليس الغبار ...
معالي وزير الصحة..
لا أدري من هو المعني في وزارتك عن الصحة النفسية والعقلية كذلك! ولكن ما أعلمه جيداً هو أن هناك فرصة لا تعوض، في ظل الموازنات المهولة للدولة، لإنشاء مستشفيات صحة نفسية وعقلية تليق بفهمنا الحالي للإنسان!
علاقتي يا سيدي بهذا الشأن قوية جدا، لا لوجود قريب أو بعيد يعاني.. بل لإنني قارئ نهم في النفس الإنسانية واعتلالاتها! وما أراه يوميا من تزايد أعداد الشباب السعوديين الشاردين والهائمين في الشوارع بفعل الفصام أو الحالات الذهانية الأخرى يجب أن تتعامل معه وزارتكم بشكل عاجل وحذر وواع جدا.
الأسبوع المنصرم فقط، دأبت يوميا على لقاء شاب سعودي مصاب بالفصام في بداياته، وجدوله اليومي كما يلي:
يتوجه هذا الشاب للبقالة القريبة من مقر الجريدة في الصباح الباكر، يشتري علب سجائر، يشتري عددا مهولا من علب مشروب الطاقة، يتربع على الرصيف بعيدا عن الظلال ليبدأ في التهام هذا المشروب المسبب لفرط النشاط، والتهام السجائر بإشعال واحدة من ذيل أخرى.. دون توقف!
أذهب إلى مكتبي في الجريدة.. وأرسم وأكتب ما تيسر.. وأخرج بعد الظهر لإحضار أحد أبنائي من المدرسة.. لأجد في طريقي يوميا هذا الشاب.. وهو شاخص النظر في ذات الاتجاه.. وعلب مشروب الطاقة الفارغة مرصوصة بنسق معين على الأسفلت، بينما تمتلئ الأرض من حوله بأعقاب السجائر(.)
لا أظن أنني بحاجة لاستحضار أمثلة أكثر، وكل ما على المكلف بحقيبة الصحة النفسية في البلاد فعله هو زيارة محطات البنزين في بدايات طرق السفر السريعة.. قبل نهاية المدن، أو البقاء في السيارة أمام بعض المراكز التجارية.. أو حتى التجول في بعض الأحياء بين العصر والعشاء، بالقرب من ملاعب كرة القدم الترابية أو أمام مطاعم الوجبات السريعة (أرصفة مواقف السيارات)!!! ناهيكم عن العدد الكبير من المكبلين والمقيدين (من الجنسين) في المنازل، واضطرار الأهل للتناوب على حمايتهم من اعتلال أنفسهم... قبل كل شيء!
باختصار...
جليس الغبار، ومن في حكمه، يا سيدي.. بحاجة لتدخل عاجل لاحترام إنسانيته.. واحتواء وجع قلب أهله عليه.