تطوير المطارات

مما لا شك فيه أن جميع المؤسسات الخدمية لديها خطط استراتيجية تعتمد على البيانات الماضية وتوقعها المستقبلي من واقع معطيات السوق. عندما تنمو مؤسسات بنجاح وباطراد واستدامة، فلأنها تنتهج سياسات توسعية حذرة تعتمد على صلابة بيانات السوق وعلى إدارة حكيمة للملاءة النقدية والسير الزمني للتدفقات المالية. الخطوط الجوية ـ والتي تمثل القطب الأول في صناعة النقل الجوي ـ من أصعب النماذج التجارية إدارة، وذلك بسبب ناتج الحجم الكبير للاستثمار المطلوب المرتبط بالثمن الباهظ للطائرات، وكثرة وتنوع المصروفات التشغيلية والثابتة لأي شركة خطوط جوية. القطب الثاني لصناعة النقل الجوي وهي المطارات، لا تقل صعوبة عن الخطوط خاصة في مجال التطوير نظرا لارتباط القرار بالحكومات أكثر منه بالقطاع الخاص. فمطار (هيثرو لندن) الرائد عالميا يعاني فجوة تأخير من متخذ القرار تقاس بعشرات السنين على الرغم من توافر التمويل الكافي لذلك التوسع. عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تميز باعتماد منهجية سرعة الإنجاز للمشاريع العملاقة، وهذا تحد كبير نظرا لعدم مواكبية المنصة الإدارية والطاقة البشرية المؤهلة لإدارة تلك الإنشاءات. بالطبع تحتاج المملكة إلى مطارات جديدة خاصة في المناطق النامية، أو استبدال المطارات القديمة بمطارات جديدة كما هو مشروع مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة. إلا أن هناك الكثير من المطارات التي أنفق عليها الكثير من الأموال الطائلة ولم تفي بمتطلبات التشغيل التي صممت من أجلها كمطار الملك فهد الدولي في الدمام الذي يعمل بعشر طاقته الاستيعابية. كما أن الكثير من المطارات الإقليمية تتعامل مع رحلتين أو ثلاث في اليوم الواحد، بينما هي تكلف أضعاف تكلفة مطارات مشابهة من حيث البنية التحتية والمرافق. التكلفة التشغيلية لمطارات صغيرة ـ كالباحة وبيشة والقريات وطريف وعرعر والوجه ـ إذا ما قيست بعدد الركاب السنوي لتلك المطارات، فسيظهر لدينا تدن في فاعلية المطارات. إن معاملة المطارات بمنهجية جديدة تعتمد على مؤشرات اقتصادية واجتماعية هو المطلوب الآن من هيئة الطيران المدني لأن تلك المؤشرات تنعكس على إيجاد بيانات موثقة لا غنى عنها في مشاريع التطوير المقبلة. تعجبت كثير لمن ينادي بإنشاء مطار جنوب مدينة الرياض، بينما لدى المطار الحالي بنى تحتية لم تستغل كالصالة رقم (4) ووجود مدرجين، علما أن مطار دبي يتعامل مع 40 مليون مسافر في السنة بمدرجين فقط، بينما مطار الرياض يسجل أقل من نصف حركة مطار دبي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي