علاقتك بالريال!
هي علاقة مادية يفترض أن تترجم بما يلي: (بيع ـ شراء)
ولكن في حالتك، كما في حالتي، يجب أن توصف كما يلي: ( شراء ـ شراء)!
والشراء.. في فلسفتنا الاقتصادية، ينقسم إلى (لوازم) و(مراسم)! واللوازم هي ما يملأ الثلاجة، ويدفع أجر من بالمنزل من عامل وعاملة، ويشتري الكهرباء والماء، ويكسي الولدان والنسوان. أما المراسم فهي بروتوكوليات فرضها العصر! فمن غير المعقول أن تلتقي بصديق من أيام الثانوي، والذي سيبادر ويسأل.. بعد السلام الحار: كم رقم الجوال؟ لتجيب: (مفصول يا الدحمي!).. هذا لا يصلح طبعاً! لذا، ففواتير الدردشة.. بروتوكول! ومنها أيضاً المشتريات الطارئة لقماش ستارة لن يستخدم أبداً.. بل تم شراؤه لأن "نقشته تهبّل" وعليه تخفيض 50 في المائة!! أو أن يشتري، فخامة حضرة أبوراتب، جهازا خلوياً يضاف إلى الأجهزة الثلاثة الملقاة في جيب ثوبه والمتسلحة بشرائح من الشركات الثلاث.. بما فيها الخسرانة! لا لشيء.. سوى لأن فيه خاصية "البلاكطوط".. وهي خاصية تمكنك من إطلاق بوق السيارة عن بعد.. دون جهد يذكر! وبلمسة شاشة.. من إصبع يد واحدة فقط!
يبدو أني سأطيل هنا! لذا أجدني مضطراً للبتر.. والانتقال إلى علاقتك بالريال من الجانب العاطفي. وهنا عليك أن تستيقظ معي.. وتدرك تماماً أن الريال، رغم فحولته، هو في واقع الأمر أنثى طاغية الجمال! واللبس في تحديد الهوية الجنسية للعملة ليس حكراً علينا نحن الذكور، فهو للنساء رجل شديد الرجولة، وبمواصفات لا تقاوم! فالريال كريم حد السفه.. وقريب حد الالتصاق.. ومطيع حد الطمَس.. ووسيم حد الوجَس.. وغائب حد اللهفة!! لذا.. لا تشغل بالك كثيراً بتحديد الهوية الجنسية للريال.. والصفة الوحيدة التي يلتزم بها مع جميع من في حكمنا.. هي عدم الوفاء.. ولو لآخر الشهر! وأظن أن هذا في أساسه مردود لفقدانه القدرة على الانتماء وتحديد الهوية الجنسية! ألا يخذلك.. كما تخذل أنثاك؟ ويخذلها كما تخذلك؟ إذا كان الجواب: نعم.. صحيح! إذاً فهو عديم الوفاء! لأنه بلا هوية.. وموضوعه التفتيش في ذاته عن هوية ينتمي إليها.. لذا ينتقل، بذاته المريبة تلك، من يدك إلى غيرك.. قبل أن يعود إليك.. ليختفي من جديد.. وهكذا!
الآن ننتقل إلى علاقتك به من ناحية ندية. فالريال، رغم ميوعة هويته التي تحدثنا عنها سابقاً، إلا أنه على تنافس ندّي معك رغم كامل رجولتك! وأنت تراه ندا لك ومقياسا في الأساس! وفي المجتمع شواهد كثيرة من زواج وطلاق وإعلاء وإخفاق بسبب الريال.. لا غير!
أخيراً، هناك علاقة بالريال.. لا يمكن إغفالها! إنها علاقتك به كسُـلطة رابعة، فالصحافة، من زمان، تنازلت عن مركزها وانتقلت للخامس.. وأكملت طريق سفرها الطويل! ومن الكوارثي.. أن نلغي دور الريال في منحك "باور" أو هيبة تتبدّى للجميع.. ويعشقك بموجبها الجميع!
المقال القادم.. عن سقوط الكبار.. مدير البنك الدولي.. مثلاً!