الصندوق العقاري والـ 500 ألف
لا بد أن نشيد عن حق واستحقاق بحسن تعامل مسؤولي وموظفي صندوق التنمية العقاري مع مراجعيه، المتمثل في حرصهم على تذليل الصعوبات وتسهيل الإجراءات بما لا يخل بنظام الإقراض الأساسي وليس فيه تجاوز لأحد، والتزام دقيق بالمساواة وعدم ترك أي منفذ لوساطة من هنا وهناك، فالجميع سوف تنهى إجراءاته حسب الأولوية والأحقية فقط.
إلا أن ذلك لا يعني أن ليس هناك ملاحظات على أداء الصندوق خاصة مع قرض الخمسمائة ألف الذي أقره خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - ضمن قرارات الخير التي سبق إعلانها، والذي بدا أن الصندوق لم يكن مستعدا لمواكبة هذا القرار بأعبائه المالية والإدارية وصرف القرض لهذا الكم الكبير ممن شملهم بعد انتظار طويل بعد الدعم السخي له بتلك القرارات المباركة.
أول هذه الملاحظات بطء إجراءات الصرف، حيث انتظر من ظهرت أسماؤهم وشملتهم زيادة قيمة القرض لما يزيد على الشهرين بحجة أن النظام الآلي لم يعدل ليتوافق مع قرض الـ500 ألف ريال، وثانيها أنه وبعد أن عدل النظام فوجئ من انتهى أو قارب على الانتهاء من البناء بعدم صرف القرض له كاملا كما كان عليه الحال سابقا، بل قسم على دفعات أربع تبدأ بـ50 ألف ريال ويستكمل صرفه بعد عشرة أشهر، وثالثها أن من استحق القرض حول لصرف الدفعات لأحد البنوك تحديدا، الذي بدوره حدد فرعا واحدا لا غير تكدس فيه المراجعون، ورابعها أن هذا البنك الوحيد ألزم المقترض بفتح حساب لديه، وعليه الانتظار ما لا يقل عن عشرة أيام، ولم يلتزم البنك بذلك، للحصول على رقم حساب وبطاقة صراف لاستلام الدفعة الأولى ومن ثم بقية الدفعات التي نأمل ألا يتباطأ البنك في صرفها في المواعيد المحددة.
هذا البطء في إجراءات صرف القرض، وجل مستحقيه انتظروه منذ عشر سنوات، قلل من فرحة الحصول عليه، والسعادة برفعه من 300 إلى 500 ألف ريال، والأمل أخيرا بالبدء بالبناء أو استكماله لمن أنجز الجزء الأكبر منه وتوقف بعد نفاد مخزونه المالي.
كان على الصندوق، مع كامل تقديري لحجم الضغط الذي واجهه والمبالغ المالية التي عليه صرفها، أن يضع آلية أكثر سرعة وفاعلية يفرق فيها على الأقل ما بين من يريد أن يبدأ ومن انتهى أو قارب على الانتهاء من البناء، كأن يرفع من قيمة الدفعة الأول له بما لا يقل عن 40 في المائة لتمكين كثيرين من استكمال البناء وسكناه بدلا من جعله ينتظر فترة أطول وكثير منهم يسكنون بالإيجار كما يفعل مع من يريد شراء شقة سكنية حيث يدفع المبلغ كاملا له، فدفعة الـ 5 في المائة الأولى ومقدارها 50 ألف ريال لم تعد ومع تباعد الدفعات كافية، خصوصا في ظل ارتفاع أسعار مواد البناء واستغلالية بعض التجار كما فعل موزعو الأسمنت جهارا نهارا حين لم يرف لهم جفن برفع سعر الكيس من 14 ريالا للعشرين ريالا بشعارهم المعروف "من أمن العقوبة أساء الأدب"، من أن تؤمن لهم القدرة حتى على البداية الأولية، وهي الأساسات من الحفر والقواعد والأعمدة الخراسانية.
نأمل من الصندوق في هذه الظروف الإيجابية أن يكون أكثر تفاعلا وأسرع إجراءات معيدا النظر بالدفعات ومددها حتى يتاح للجميع البدء ببناء المساكن أو استكمالها، ومن المهم أيضا متابعة أداء وتعامل البنك المحول عليه المقترضون وإلزامه بالتقيد بمواعيد صرف الدفعات وعدم تركه يمارس هواية البنوك في استغلال كل من يقع تحت أضراسها حتى آخر قطرة.