«الخطوط السعودية» .. ما لها حل!
ابتداء لن أعلق على المصروفات النثرية لـ ''الخطوط السعودية'' البالغة خمسة مليارات، التي يجب أن تتناولها الجهات ذات العلاقة توضيحاً أو محاسبةً، ولن أتناول قصة لحوم الحمير التي لم أتمكن من بلعها ليس بسبب الحمير، لكني لعجزي عن تصديقها، وسأشارك القراء في قصة واقعية تعبر عن هموم عملاء ''الخطوط'' المجبرين على التعامل معها، وتعبر عن القصة تفاصيل الخطاب التالي الذي رفعته للخطوط شاكيا، وقد كان نصه:
معالي مدير ''الخطوط السعودية'' الموقر
بموجب هذا الخطاب أشتكي لكم حول حادثة حدثت لي في ''الخطوط السعودية'' على الرحلة القادمة من جدة رقم 1052 في 17/8/2010، وسأستعرض فيما يلي ما حدث باختصار شديد.
فقد تم إجراء الحجوزات لأربعة مقاعد على درجة الأفق قبل ما يقارب ثلاثة أشهر من السفر، وتم قص التذاكر قبل ما يزيد على شهرين من تاريخ السفر، وسافرت على رحلة الذهاب المحددة ورقمها 1049 في 14 آب (أغسطس) إلى جدة (ولي معها قصة مأساوية أخرى)، بعد وصولي إلى مكة في يوم الوصول وصلتني رسالة على الجوال تفيد بعمل تخفيض لدرجة الحجز من درجة الأفق إلى السياحية، اتصلت بالخطوط ولم أجد إجابة، أرسلت بعدها مرسولاً إلى مقر الخطوط الذين أفادوه بأن الطائرة تغيرت إلى موديل آخر جميع مقاعدها من الدرجة السياحية، ولم يطلبوا منه أي شيء.
قبل رحلة العودة بـ 23 ساعة، وقفت لمدة ساعة أمام طابور جهاز قص بطاقات الصعود في مكة، لكن - مع الأسف - رفض الجهاز طبع بطاقة صعود الطائرة، فقمت في مساء ذلك اليوم وبعد فتح المكتب، بمراجعة مأمور الخطوط الذي أبلغني بأن طباعة ''البوردنق'' غير ممكن، لكن الحجز مؤكد، وكله تمام، وطلبت منه ما يثبت ذلك فأعطاني ''برنت'' بذلك.
وصلت المطار قبل الرحلة بما يقارب الساعتين، وبعد وقوفي عند موظف ''السعودية''، أبلغني بأنه لا يوجد حجز لي، وبعد مراجعة المشرف أبلغني بأنه كان هناك حجز لكنه ألغي، ولا حل لدى الكاونتر، والموضوع عند الحجز، مصادفة اكتشفت من الموظف أن الرحلة عليها مقاعد أولى وأفق ولم تلغ وفق إفادة ''لخطوط'' السابقة، فذهبت إلى موظف الحجز في المطار، الذي أكد لي أن الحجز ملغى، وبعد مناقشة بين الطرفين (المشرف وموظف الحجز)، تبين للطرفين أن الخطأ من ''السعودية''، ويجب ترتيب وضع الراكب المسكين (لأنه غير مخطئ والخطأ بالكامل يقع على الخطوط).
بعد أخذ ورد طويلين بين الجانبين وجهني موظف الحجز إلى المشرف التنفيذي في الصالة، فذهبت إلى المشرف التنفيذي الذي وجهني إلى المساعد بحجة أنه هو المسؤول عن الركاب، فذهبت إلى المساعد الذي ردني إلى المشرف بحجة أنه لا علاقة له بالموضوع، فرجعت إلى المشرف، وكان لديه مجموعة من كبار الموظفين أخذ أحد منهم ''البرنت'' وقال لي: لقد ألغي حجزك بسبب عدم مجيئك على الحجز نفسه من الرياض! هكذا الكذب بكل صفاقة، ولحسن الحظ كان ''بوردنق'' الوصول معي!
كلمت المشرف وشرحت له القصة وقلت له بالحرف الواحد ''أنت مسؤول عن حل مشكلات الركاب، وأنا راكب معه حق وبسبب مشكلة من الخطوط تم إلغاء حجزه، وذلك بشهادة موظفيك، وأن واجبك حل مشكلتي بمعنى آخر ''دبرني''، فكان حله الإبداعي الصاعق أن وجهني للتسجيل في الانتظار مثل أي راكب مستهتر أو مضطر أو غير منظم، وسألته لو كان ما حصل لي صار له هل سيقبل بالتسجيل في الانتظار، أيضاً رد علي بطريقة لا تليق بالمسؤول ''بزحلقة الموضوع بصفاقة متناهية، وبإمكانك تشتكي''.
ما كان مني إلا أن رجعت إلى الحجز وطلبت مدير الحجز وبعد أربع محاولات وتوسلات بمقابلته، خرج لي من مكتبه، وشرحت له قصتي، فأقر بأن المشكلة في ''السيستم'' ولا يوجد حل إلا التسجيل في الانتظار، فرفضت الحل، وبعد جدل وأخذ ورد، طلب مني مرافقته إلى مدير المطار، الذي واجهته بتفاصيل المشكلة من أولها وكان لديه اثنان من كبار الموظفين، وقد أقر كلهم بأن المشكلة ليست مشكلتي حيث إن تذاكري مسجلة عند الحجز، ولم يبلغني أحد بضرورة تسجيل التذاكر مرة أخرى (وهو إجراء سخيف)، لا في رسالة الجوال ولا في مكتب الرياض ولا في مكتب مكة، وأقروا بأن السيستم هو المشكلة وأنهم واقعون في حرج لذلك السبب، والحل في التسجيل في الانتظار مع نصحي بكتابة الشكوى!
أخيراً .. عرفت السر فقد أبلغني مدير المطار (الذي كان لطيفا للغاية) بأن الرحلة عليها 45 راكباً إضافياً ''أوفر''، ولا يوجد عليها أي إمكانية، وبعد جدل ومفاصلة طويلة عريضة، خرجت من الموضوع ببطاقة صعود واحدة طبعها لي مدير المطار من مكتبه ''مشكوراً''، أما باقي الركاب فمصيرهم قائمة الانتظار! أو ليدبروا حالهم! المصيبة الكبرى أنني بعد ركوبي الطائرة وجدت الرحلة تحتوي على مقاعد شاغرة في الدرجتين الأولى والأفق!
ولي مع خطوطنا الوطنية وقفات ألخصها فيما يلي:
1. كيف يتم تسجيل التذاكر، وعند قيام ''السعودية'' بتخفيض الدرجة تطلب أرقاماً جديدة للتذاكر (هذا إن كان ذلك هو العذر فعلا)؟
2. كيف ترسل الرسالة وليس فيها أي طلب لتسجيل التذكرة، وبعد مراجعة مكتب الخطوط في الرياض ومكة، ولا يطلب الرقم، ثم يلغى الحجز بحجة عدم تسجيل التذكرة؟ حتى لو كانت الرسالة تتضمن طلب تسجيل التذكرة ولنتخيل المسافر لا يحمل جوالا أو جواله مقفلاً أو لا توجد لديه تغطية، أو بعد وصول الرسالة لا يوجد لديه مكتب قريب لتسجيل التذكرة أو أو ... إلخ؟
3. كيف يتم تخفيض الدرجة بحجة تحويل الطائرة كلها إلى سياحية، ثم نفاجأ بالحقيقة المرة بأن الطائرة عليها أولى وأفق؟
4. كيف يتلاعب موظفو الخطوط بالمراجعين وكأنهم كرة مضرب في المطار، ولا يوجد أي مقترح وجيه لحل المشكلة من أي منهم؟
5. كيف يتهرب موظفو الخطوط (خاصة المشرف التنفيذي) من المسؤولية ومواجهة المشكلة فضلا عن محاولة حلها؟
6. كيف يكون أسهل الحلول هو ''سجل في الانتظار'' لراكب لديه حجز مؤكد منذ ثلاثة أشهر وقام بجميع إجراءات ''السعودية'' بكل انضباط ومسؤولية مثل أي طالب مجتهد في المرحلة الابتدائية؟!
7. كيف تستخرج بطاقة صعود للطائرة من المدير والطائرة عليها 45 راكباً دون مقعد، ألا يوحي ذلك بأن القصة كلها مفبركة، ابتداء من إلغاء حجز الفقير إلى الله إلى آخر المسلسل الهندي للخطوط.
8. أليس بوسع ''الخطوط'' أن تتحمل مسؤوليتها وتعطي بطاقات صعود ''بوردنق'' حتى لو على الرحلة التي تليها؟
9. ما الحل بالنسبة لباقي الركاب (الثلاثة مقاعد المتبقية) الذين ربما رجعوا للرياض بتاكسي أو بالنقل الجماعي!
هل هذه معاملة تشّرف خطوطنا الوطنية، بل هل تتماشى هذه المعاملة مع أخلاقنا وقيمنا، وهل هذا شعار ناقلنا الوطني (الذي يعتز بخدمتنا)؟ وهل ترضون بأن يحدث مثل ذلك لكم أو لقريب أو لوجيه أو لموظف كبير في ''الخطوط''؟ أؤكد لكم أن المعاملة كانت ستصبح مختلفة والحلول مختلفة بل ربما لم يتم إلغاء الحجز أصلا!
أشكر لكم عنايتكم بهذه الرسالة (إن تم ذلك)، وأنتظر الرد منكم، مع خالص تحياتي ... (انتهت الرسالة).
الرسالة أعلاه ملخص لشكوى رفعتها أنا شخصياً إلى خطوطنا الوطنية قبل ما يزيد على تسعة أشهر وذيلتها باسمي الثلاثي مع رقم جوالي والفاكس والإيميل، وأرسلتها إلى أكثر من جهة في ''الخطوط'' منها مكتب المدير العام، ولم يصلني رد عليها حتى تاريخه، لكن للحقيقة فقد أكرمتني ''الخطوط'' برسالة جوال بعد مرور شهرين على الشكوى تطلب مني فيها الاتصال على رقم ثابت، هذا الرقم لم يرد عليه أحد رغم عشرات المحاولات للتواصل معه.
طبعاً ما ذكرته أعلاه حالة من عشرات أو قل مئات الحالات التي شهدتها أو عرفتها شخصياً، فهل بعد ذلك تعتقدون أن خطوطنا الوطنية لها حل؟! لا أعتقد، لكن ينطبق علينا وعليها المثل الشعبي ''ما لك إلا خشمك لو إنه عوج''.
أخيراً ... التساؤل الذي أطرحه ويطرحه الكثير غيري؛ هل من أمل في خطوطنا الوطنية؟ والإجابة عن هذا السؤال - في رأيي - هي أن هناك ثلاثة خيارات لتحقيق أمل المواطنين في وجود شركة طيران سعودية نعتز بها فعلاً، والخيارات هي:
1. تأسيس خطوط وطنية أخرى على غرار ''البريطانية'' أو ''السنغافورية'' أو ''القطرية'' أو ''الإمارات'' أو ''الاتحاد'' ... إلخ، بإدارة جديدة تنفيذية وموظفين جدد وأنظمة جديدة ودون أي إرث سابق يجرها للخلف جراً.
2. الإبقاء على الخطوط وخدماتها للجهات الحكومية وكبار الشخصيات، وتأسيس شركة وطنية ''مساهمة عامة'' كما في المقترح الأول بشرط توجيه الدعم الكامل لها كما تحصل عليه ''السعودية'' حالياً.
3. تسليم إدارة ''الخطوط السعودية'' إلى إحدى شركات الطيران العالمية بنظام المشاركة في الأرباح، أو بنظام التشغيل المنتهي بالتمليك BTO مع إعطائهم كل السلطات والصلاحيات فيما يخص الموظفين والأنظمة.