أين استثمر الأثرياء؟
في تقرير دولي صدر عن ''ميريل لينش'' وكابجيميني نشر في نهاية شهر يونيو الماضي عن الأثرياء في العالم حول تطور الثروات الفردية لعام 2010م كشف ارتفاع أعدادهم بشكل أكثر استقراراً من عام 2009م، حيث كانت منطقة الشرق الأوسط واحدا من أعلى معدلات النمو بعد إفريقيا وهناك العديد من القراءات التي يمكن استخلاصها من هذا التقرير، منها: لماذا الارتفاع في الشرق الأوسط وهل ساعدت الأنظمة السياسية أصلاً على احتضان بيئة تجعل من الأفراد أو بالأحرى ''القلّة'' أكثر ثراءً وغنى دون الأكثرية؟ وهكذا ربما يكون ذلك واحداً من الأسباب المهمة التي أفرزت الثورات، التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط مع بداية عام 2011م. وفي كل الأحوال ومن باب التخصص لا نريد أن نقرأ من التقرير المضامين السياسية فذاك شأن متروك للساسة والمهتمين بها ومن بين المقارنات التي صدرت في التقرير مواصلة سرعة النمو بشكل أكبر في عدد الأثرياء في الأسواق النامية مقارنة بالدول المتقدمة على الرغم من الأزمة المالية العالمية التي عصفت بالعالم. إضافةً إلى ذلك ما يعني ضمنياً الدور المهم للأسواق الناشئة وخصوصاً في كونها لعبت وتلعب دوراً أبرز وأهم في تعافي الاقتصاد العالمي، إذ إن هذه الأسواق بلا شك ماضية في خيار استراتيجيات تحرير القطاعات الاقتصادية بشكل أكثر وتطبيق خطط التخصيص وإعطاء القطاع الخاص دوراً أكبر في عجلة النمو الاقتصادي المحلي. أما فيما يخص القنوات الاستثمارية التي استخدمها أولئك الأثرياء في عام 2010م فقد استأثرت الأسهم العالمية والسلع الأساسية والعقارات بالنصيب الأوفر في حين تراجعت نسب الاستثمار في الأصول النقدية كالودائع وما شابهها وكذلك في سندات الدخل الثابت والصكوك، التي بلا شك سبب تدني مستوى الفائدة دوراً بارزاً في تدني معدلات العوائد عليها مقروناً بزيادة في مستويات المخاطرة وهذا أفضى بالتالي إلى زيادة نسب الاستثمار في الأسهم من 29 في المائة إلى 33 في المائة بينما انخفضت نسب التملك في سندات الدخل الثابت بنسب الزيادة نفسها التي كانت لمصلحة الأسهم ومن هذه الإحصاءات أرى أنه يجب ألا يفهم أن الاستثمار في الأسهم كان أجدى ولذلك ذهبت نسب أكبر في محافظ الأثرياء إليها. بل إن الواجب تقصي حقيقة هذه الزيادة فهل كانت بسبب إجراءات عمليات التخصيص وقيام شركات ''يمتلكها بالتالي أشخاص'' أو هي استغلال فرص السوق جراء الانهيار الذي سببته الأزمة العالمية أم هو لتدني مستويات الفائدة وبالتالي عدم جدوى سندات الدخل الثابت وتضاؤل عوائدها. أعتقد أن كل هذه الأسباب كانت وراء هذه الزيادة في نسب الاستثمار في الأسهم بالذات وهذا يعني أن المستثمر دوماً يجب أن يتفحص ويتقصى معاني التوجهات الرقمية والإحصائية لأي سياسة استثمارية أو قرار اقتصادي.