المجلس الأعلى للموارد البشرية
المتتبع لمسيرة المجلس الاقتصادي الأعلى يلمس سمو الغايات التي يصبو إليها المجلس وقدرته الفائقة على تحقيق الانسجام والتكامل بين السياسة النفطية والاقتصادية والمالية والصناعية؛ باعتبار أن وزراء هذه القطاعات جميعهم يشتركون في عضوية هذا المجلس برئاسة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين نائبا للرئيس ـــ حفظهم الله جميعًا ـــ.
ووضع للمجلس هيئة استشارية مكونة من 16 عضوًا من الكفاءات التي يزخر بها الوطن من الأكاديميين والمصرفيين والصناعيين والتجاريين والاقتصاديين ذوي الباع الطويل والخبرة المديدة والنجاحات المتواصلة في مجالاتهم، وبذا فإن المجلس أصبح مهيئًا لتحقيق أمن ورفاهية وازدهار المجتمع وضمان نمو الاقتصاد الوطني بصفة منتظمة بما ينعكس إيحابيًا على تحقيق زيادة حقيقية في دخل الفرد وضبط الدين العام وتنويع القاعدة الاقتصادية وتنمية المدخرات وغيرها من الغايات السامية.
ولأن الإنسان هو حجر الزاوية للتنمية؛ فقد بذلت حكومة خادم الحرمين الشريفين جهودها المتواصلة بغية تطوير الإنسان السعودي حتى صار يشار إليه بالبنان، سواءً أكان طبيبًا في مستشفى أو معلمًا في مدرسة أو مهندسًا في مصنع أو إداريًا في صرح من صروح الوطن الشامخة. واليوم حيث تتزايد المنافسة بين الدول على إحراز قصب السبق في بناء الإنسان، فإن الحاجة تدعو لإنشاء مجلس أعلى للموارد البشرية أسوة بالمجلس الاقتصادي الأعلى ليعنى بالمواطن السعودي أمنًا وصحةً وتعليمًا وتأهيلاً وتوظيفًا، يُتوج برئاسة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وعضوية وزراء الداخلية والتعليم، والتعليم العالي والعمل والتجارة والصناعة والرئيس العام لرعاية الشباب؛ وذلك لتحقيق التكامل بين جهود وزارات وقطاعات الدولة، ومن ذلك الدعم الكبير الذي يقدمه صندوق تنمية الموارد البشرية المتمثل في نصف الراتب الشهري للموظف السعودي في القطاع الخاص، وقد يصل إلى ثلاثة أرباع الراتب. ومع ذلك تتزايد نسبة البطالة بين صفوف الشباب السعودي، وفي الجانب الآخر ومع تزايد نسبة البطالة، فإن أرقام منح التأشيرات للاستقدام من خارج المملكة تتزايد.
وعلى صعيد آخر، فإن مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير التعليم الذي رُصدت له ميزانيات ضخمة ومضى عليه سنوات حتى غدونا نتطلع بشغف لنقطف ثمار الجهود الكبيرة والمدة الطويلة والأموال الضخمة المستثمرة، وبالمثل رعاية الشباب التي أغفلت كل مجالات رعاية الشباب الفكرية والأدبية والثقافية والتقنية، وصبت كل ميزانيتها السنوية على مجال الرياضة وتحديدًا كرة القدم، لا ليمارسها أغلب الشباب بل ليمارسها قلة قليلة من شباب الوطن ويشاهدهم البقية.
كما أن مزيدًا من التحديات ستشهدها الأيام المقبلة من قبيل التزايد السكاني الكبير وعودة آلاف المبتعثين ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين، وإضافة إلى خريجي الجامعات التي تضاعفت في السنوات القليلة الماضية وغيرها من التحديات وما قد تجذبه المتغيرات والظروف المقبلة، ولذا فإن وجود مجلس أعلى للموارد البشرية يلم شعث هذه الجهود ويوائم بينها، ويعمل على تحقيق التكامل والفاعلية بين الأجهزة التنفيذية، تسانده لجنة من الخبراء والمختصين هي ضرورة ملحة الآن أكثر من أي وقت مضى.