متنزه الجنادرية الوطني

قدم مهرجان الجنادرية إضافة غير مسبوقة على الصعيد التراثي والثقافي والفكري على مدى ما يزيد على ربع قرن، وخلال هذه المدة الزمنية تم استثمار عشرات الملايين من الريالات في إقامة منشآت دائمة، كما يتم سنويًا تكليف مئات العسكريين والمدنيين لتنظيم الفعاليات وحفظ الأمن، وانتداب المئات من ممثلي أجنحة المناطق لعرض منتجات وترات مناطقهم، إضافة إلى أعضاء الفرق الشعبية الذين يؤدون الرقصات والعروض التراثية الجميلة، ما يسهم في زيادة التعريف بها وانتشارها، وحفظ تراث وثقافة مناطق ومحافظات المملكة وزيادة التواصل بين أنحاء الوطن.
أعتقد أنه حان الآوان لتحويل هذه الاستثمارات المالية الكبيرة والجهود البشرية الضخمة إلى عمل دائم يتضمن فعاليات مستمرة طوال أيام العام، تتمثل في معارض المناطق والمطاعم الشعبية والمقاهي وأكشاك بيع المنتجات التراثية، على أن يتم استثمار تشغيلها من القطاع الخاص، وبأيدٍ وطنية فقط، باعتبارها فقط القادرة على تمثيل تراث المناطق، وبذا تتحقق فوائد استثمارية للقطاع الخاص وتوظيف للكوادر الوطنية، وفي الوقت ذاته إيجاد متنفس جديد لمدينة الرياض والمدن المجاورة لها تتوافر فيه للعائلات والأفراد من المواطنين والزائرين والمقيمين فرصة قضاء أوقات سعيدة وذكريات جميلة، أما في نهاية الأسبوع فتؤدي الفرق الشعبية الرقصات التراثية والعرضات والألعاب الشعبية، فيزداد الإقبال على الأسواق والمعارض والمطاعم والمقاهي، ويحلو السهر ويطيب اللقاء بين الأسر والأفراد، خصوصًا أن منطقة الجنادرية تتمتع بأجواء مسائية مقبولة حتى في أكثر أشهر الصيف حرارة.
أما سباق الهجن والخيل والندوات الثقافية والأوبريت الفني فتظل في موعدها السنوي باعتبار هذا الموعد ذروة نشاط الجنادرية.
إننا بتبني تفعيل الجنادرية على مدار العام وتركيز النشاط خلال نهاية الأسبوع مع الإبقاء على ذروة النشاط خلال المدة السنوية المعتادة لا نحافظ على المنجزات والمباني والتجهيزات التي يصيبها العطب لتركها دون تشغيل؛ بل يوفر رئة كبرى تتنفس بها الرياض وما حولها؛ وفرصة للتعريف بموروثنا لأبنائنا وزوارنا وفرص وظيفية دائمة للشباب ومنافذ استثمارية للمؤسسات الوطنية.
وفي جانب آخر، فإن الوقت مواتٍ ليتولى القطاع الخاص كامل التنظيم والتسويق والإدارة والتشغيل لأنشطة وبرامج مهرجان الجنادرية، فهو أكفأ وأكثر مرونة وقدرة على الابتكار والإبداع من القطاع الحكومي في كل أمرٍ يقوم به، وليس ذلك تقليلا من جهود الأجهزة الحكومية والوزارات والهيئات العامة، وعلى رأسها الحرس الوطني، فقد كان له قصب السبق واليد الطولى في تأسيس مهرجان الجنادرية حتى وصل إلى ما وصل إليه في الوقت الراهن، لكن إضافة إلى كفاءة القطاع الخاص، فإن ذلك يكفل اضطلاع الأجزة الحكومية بمهامها الأصلية التي كثيراً ما يشكو المواطن من تأخرها وتعطلها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي