مكافأة نهاية الخدمة.. ما أطولك يا ليل
في الأول من شهر رجب الماضي حل موعد إحالة عدد كبير ممن بلغ السن القانونية من موظفي الدولة للتقاعد، وجاء تقاعدهم هذا العام مصحوبا بمميزة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - ضمن قرارات الخير التي عمت الجميع وعلى المستويات كافة برفع مكافأة نهاية الخدمة من صرف راتب ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر، أي الضعف، وهي مكافأة مستحقة لموظف بعد أن خدم حتى بلغ الستين من العمر وبراتب تقاعدي يقل كثيرا عن راتبه الأساسي وما كان يحصل عليه من بدلات وهو على رأس العمل وحرم منها في التقاعد، وكان لمضاعفة المكافأة أثر إيجابي في المتقاعد وسند له وهو يبدأ حياته التقاعدية بعد أن وهن العظم منه وتدنى راتبه التقاعدي، وتسهم بفاعلية لتمكينه من التكيف مع حياته الجديدة، خصوصا أن نظام التقاعد السعودي لا يؤمن له أي مميزات تعوضه عن سنوات عمره التي قضاها في الخدمة الوظيفية وتعينه على مواجهة ما تبقى له من مشوار الحياة صحيا وماديا.
على هذه الخلفية كان المتقاعدون يأملون أن يستفيدوا من هذه المكافأة فور تقاعدهم، وأن تصرف لهم بسرعة ومن دون إبطاء لتواكب تقاعدهم، وكان هذا هو الوضع الطبيعي والمفترض، إلا أن الحادث عكس ذلك تماما، فالبيروقراطية البطيئة التفاعل والحركة حرمتهم من ذلك، فها هو الشهر الأول يمضي وستتبعه شهور أخرى ولم يصرف لهم غير راتب التقاعد دون المكافأة المنتظرة، فالجهات التي يتبع لها المتقاعد ومن خلفها وزارة المالية تضع أيديها في ماء بارد، بينما المتقاعد ليس في يده غير الانتظار حتى يتكرموا عليه أخيرا بصرف ما له من مستحق هو حق له.
هذا البطء والتباطؤ في صرف نهاية الخدمة للموظفين المتقاعدين لا توجد له أسباب مقنعة، فموعد تقاعد الموظفين وأعدادهم وما لهم من مستحقات معروف ومجدول من أشهر سابقة، لكنها البيروقراطية قاتلها الله .. فلماذا لم تعد العدة من حينها ويكون قد تم عمل مسيرات وجدولة جاهزة حتى يتم صرف مستحقات المتقاعد في المكافأة التي لا يوجد غيرها بتزامن مع لحظة التقاعد؟ وما الداعي لهذا الإهمال وعدم الاكتراث بالمتقاعد وتركه ينتظر في وقت كان يمكن تصفية مستحقاته في وقتها؟
كان من المهم جدا، خاصة من جهة تكريم المتقاعد وإبداء الاهتمام به في لحظة وداعه، أن يشعر بالتقدير وهو ينصرف من الوظيفة والخدمة، بأن يعطى حقوقه ومستحقاته كافة بسرعة إصدار ونفاذ قرار تقاعده نفسه، لا أن تمسك حقوقه وتؤخر مستحقاته كما هو حادث مع مكافأة نهاية الخدمة، فهذا التأخير له مردود سلبي عليه وهو ينتقل لهذه المرحلة التقاعدية التي يحتاج فيها إلى مثل هذا الدعم الذي له جانب معنوي مهم إلى جانب القيمة المادية في اللحظة التي يترك فيها حياة العمل.
كل ما نتمناه من وزارة المالية خصوصا أن تتابع هذا الأمر مع الجهات الأخرى لضمان صرف المستحقات في وقتها ومن دون إبطاء، وأن تضعه على رأس أولوياتها، فالمتقاعدون يستحقون كل تكريم ورعاية واهتمام، لا أن يتركوا ينتظرون مكافآتهم، خصوصا بعد رفع قيمتها بقرار من خادم الحرمين الشريفين، وهم يغنون: ما أطولك يا ليل.