مرة أخرى.. الكبد والأكل الحلو علاقة حميمة

تناولنا في موضوع سابق الكبد وتأثره بالغذاء، وكيفية حدوث تراكم الدهون الثلاثية عليها، والحمية اللازمة لعلاج هذا التراكم. وقد حدث لبس لدى الإخوة الذين يتابعون زاويتنا من عدة نواح. ولتوضيح هذا اللبس أورد النقاط التالية:
في بداية وضحت جذب الكبد للأطعمة الحلوة وتأثرها السريع بها، ومعروف أن الأطعمة الحلوة مختلفة المكونات وأثرها في الكبد يختلف بحسب اختلاف هذه المكونات.
- السكريات الأحادية والثنائية أنواع مختلفة من سكروز، وجلوكوز، وفركتوز، وأنواع أخرى غير مشهورة. ويأتي منها ما هو طبيعي وما هو مصنع. وكل منها له دورة في الهضم تمر عبر الكبد. ولوحظ أن سكر الفركتوز المصنع هو أكثر هذه الأنواع إجهادا للكبد وهو المتهم الأكبر في حدوث السمنة حول الخصر - خاصة لدى الأطفال وكذلك من مسببات ارتفاع الكولسترول، والضغط، وأمراض السكر في الولايات المتحدة لأنه مع الوقت يؤثر في دورة الاستقلاب أو الأيض على مستوى الخلية.
- هناك سكريات لا تشبه هذه الأنواع الطبيعية وهي كيماوية، ومثال ذلك السبارتم الذي يروج له بأنه منخفض السعرات الحرارية والذي حذر منه الكثير، وهو ممنوع منذ 20 سنة في اليابان في المشروبات والمأكولات المصنعة، وتم استبداله بسكر ستيفيا الذي يستخرج من شجيرة ستيفيا.
- سكر ستيفيا سكر مناسب لمرضى السكر والضغط، ذو أصل شجري طبيعي. ويستخدم منذ القدم في أمريكا الجنوبية كمحل طبيعي، وهو البديل الآمن للسكر منخفض السعرات الحرارية بأنواعه ذات الأصل الكيماوي. وأجريت دراسة في السويد على ورق ستيفيا فوجدوا أنها منشطة للبنكرياس. وقد بدأ هذا السكر في الانتشار في الولايات المتحدة منذ سنة، وهناك أنواع مصنعة منه عدل عليها كيماويا منه، يتوجب الحذر منها.
عرجت بعد ذلك إلى كيفية الاستفادة من حب الكبد للحلو في علاج وتقوية الكبد، ومثال ذكر علاج فقر الدم أو نقص الحديد غذائيا بتناول منقوع الزبيب الأسود. وهذا المنقوع يحوي القليل جدا من الفركتوز وكثيرا من المعادن المهمة كالمغنيسيوم، والحديد، والبوتاسيوم. لذا فهو حلو ومولد للدم في الوقت نفسه. وضحت أن الأطعمة الحلوة التي تحتوي على فركتوز عال طبيعي أوعلى فركتوز مصنع - وهو الأكثر أثرا في الكبد إذا تم تناولهما بكميات عالية معاً مع تزامن قلة الحركة ووجود نقص واضح لعنصر المغنيسيوم في الجسم. ويكثر هذا خاصة بعد الـ 40 فيبدأ حدوث تخزين الدهون الثلاثية على الكبد.
هناك خطأ غذائي قد يزيد من إشكالية دهون الكبد وهو الإسراف في الفواكه الحلوة عالية الفركتوز بعد الوجبات الدسمة مباشرة، والتي يفترض أن يتم تناولها باعتدال في موسمها قبل الوجبات بعشر دقائق، أو بعد الوجبات بساعتين لأن هذه الفواكه تحتاج إلى وقت قصير لكي تهضم في المعدة. وعند تناولها بعد الدسم تبقى فترات طويلة ما قد يسبب في تخمرها أو عدم اكتمال هضمها، وبالتالي تصل إلى الكبد وهي لم يكتمل هضمها مسببة السدد الذي ذكره علماء الأندلس.
كما اعتقد البعض من المقال السابق أني لا أنصح بتناول التمر، وهذا غير صحيح، والذي أردت إيضاحه أن الإكثار المفرط من تناول التمر خاصة مع الفواكه ووجود قلة الحركة بعد الأربعين من الأخطاء الغذائية التي توصل إلى الأمراض الحارة بخروج الجسم عن الاتزان. فالتمر يعتبر من الوجبات المتكاملة حيث يحوي الكثير من المعادن والفيتامينات والسكريات حيث تصل نسبة السكر في بعض الأنواع إلى 66 في المائة معظمها جلكوز وفركتوز وقليل من السكروز. والتمر حار يابس ويحتاج إلى أن يتناول معه طعام فيه طبع البرودة كالقهوة العربية لتخفيف هذه الحرارة، وقد كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يتناول التمر بالقثاء ويقول: ''وبرد هذا يذهب حر هذا''.
واستهلاك التمر يفضل أن يكون باعتدال للأصحاء، وان يختار النوع المفيد صحيا والذي عادة ما يميل لونه للون الغامق بسبب ما يحوي من المعادن والألياف. أما استهلاك التمر للمرضى بأمراض حارة كالصدفية، والأكزيما، والرمد، وغيره فيحذر منه لأنه يهيج أمراضهم، وخاصة الأنواع ذات التركيز العالي من السكريات. وقد ورد في السنة نهي الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب عن تناول التمر حينما كان مصابا بالرمد. وقد وردت أحاديث في السنة في الحث على الإفطار على الرطب، وبيان أن البيت الذي لا تمر فيه جياع أهله، وكذلك الحديث المشهور عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ''من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره سم ولا سحر'' ولي وقفة عند هذا الحديث الشريف نستشف منه فوائد:
- حدد وقت تناول التمرات صباحا قبل أي وجبة أخرى، حدد الرسول تمر العجوة دون غيره، حدد عدد التمرات بسبع وهو من الاعتدال، تمر العجوة أسود فيه نوع من المرارة وهو مليء بالمعادن النافعة والألياف حيث ينمو نخله في تربة بركانية غنية. السم عطف على السحر فما الرابط بينهما؟ والرابط أن الكبد هي العضو الخاص بتنقية الدم من السموم وتمر العجوة يقوي الكبد على ذلك. عادة السحر المشروب يخلط معه سموم بهدف إضعاف الجسم. والكبد إذا كان قويا نقى الجسم من هذه السموم، فلا يضر السحر حينها - بإذن الله.
وهناك ملاحظة يعرفها المختصون بالزراعة أن التمر من النوع الواحد قد يختلف لونه ومكوناته من مكان إلى آخر حسب التربة التي يزرع فيها، فتمر الخلاص من الأحساء يميل للون الغامق لأن أرضه طينية، أما تمر الخلاص من الخرج أو القصيم، فيميل إلى الأصفر أكثر لأن الأرض التي يزرع فيها رملية.
واختلاف مكونات الثمر، أو الورقيات، أو الأعشاب، بسبب اختلاف التربة من مكان إلى مكان، موضوع قد لا ينتبه له الناس أو العشابون. وقد ذكر لي أحد مربي الحيونات أنه يعطي الحيونات علفا موصى به من دولة إفريقية بهدف زيادة الإنتاج، لكن دون نتائج تذكر.
وبعدما قارن مكونات التربة بين تلكم الدولة التي كتبت فيها هذه النصائح ومكونات التربة لديه، وجد نقصا في معادن معينة فقام بإضافتها كمكمل للأعلاف فحصل تحسن كبير في الإنتاج.
وهذا يعلل كذلك الفروقات بين طعم وأثر الثمار والحبوب في الناس من مكان إلى مكان آخر فمثلا: الكمون السوداني يختلف عن السوري، يختلف عن القصيمي بسبب اختلاف مكونات التربة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي