من يختبر منظومة التعليم؟

يختبر المعلمون طلابهم بين الفينة والأخرى للحكم على مدى ما حصلوه دراسيا خلال مدة محدودة، ويصدرون تبعا لذلك إفادات توجه لأولياء الأمور لإشعارهم بمستوى أبنائهم؛ سعيا لحثهم على التعاون معهم في مسؤولية الارتقاء بمستويات الأبناء دراسيا، وكثيرا ما تجد تلك التقارير صدى طيبا من أولياء الأمور فيبادرون بمعالجة أوجه القصور في تحصيل أبنائهم الدراسي وتعزيز جوانب القوة لديهم، إلا إنها تصدمهم أحيانا عندما يتفاجأون بما لا يتوقعون وستكون لولي الأمر حجة كبيرة لو لم تشعره المدرسة بمستوى ابنه، كما تستخدم تلك الاختبارات لأهداف أخرى من قبيل إصدار الأحكام للانتقال لمرحلة دراسية تالية أو لتحديد التخصص الجامعي.
منظومة التعليم بما فيها من معلمين ومناهج دراسية وأنشطة صيفية وغير صيفية وطرق وأساليب تدريس ووسائل وتقنيات تعليمية وأجهزة حاسوب ومختبرات وتجهيزات وجهود إشرافية ونظم إدارية وغيرها، هذه المنظومة الضخمة التي يعمل بها في المملكة ما يقارب نصف مليون ما بين معلم وموظف مساند، وتخدم ما يزيد على خمسة ملايين طالب وطالبة ينتمون دون مبالغة إلى كل بيت في الوطن. وتتعلق بهم آمال قيادة الوطن وترصد لهم ميزانيات سنوية ضخمة سواء في حجمها أو في نسبتها من الميزانية العامة للدولة. هذه المنظومة من يختبرها؟ أي من يتأكد أن الطالب في الصف الرابع الابتدائي على سبيل المثال يستطيع أن يقرأ بطلاقة ويفهم ما يقرأ ويعبر عنه بشكل آخر؟ وإلى أي درجة يستطيع الطالب في الصف الأول متوسط أن يجري عمليات القسمة المطولة مع وضع الرقم العشري وأنه يستطيع التأكد من صحة القسمة وأن الطالب في الصف الثاني الثانوي، أي بعد خمس سنوات من دراسته للغة الإنجليزية، يستطيع أن يكتب شكوى باللغة الإنجليزية؟
حتى الوقت الراهن لا توجد لدينا إجابات دقيقة تكشف جوانب القصور بدقة وطرق العلاج بالتحديد. كل ما لدينا حتى الآن انطباعات عامة أو مؤشرات لا تقيس بالضبط الناتج التعليمي لكل هذه الجهود.
وزارة المالية تؤكد أنها تصرف سنويا مبالغ ضخمة للتعليم، ووزارة التربية تؤكد أن جهودا كبيرة يبذلها معلمون ومشرفون وأولياء الأمور يشاطرون وزارة التربية جهودها ووزارة المالية مصروفاتها المالية. وفي المقابل فإن أساتذة الجامعات يشكون بمرارة من مستوى مخرجات النظام التعليمي. وكذلك رجال الأعمال والمديرون التنفيذيون ممن يضطلعون بمسؤولية بعض الشركات الوطنية الكبرى يصرحون في أكثر من مناسبة بأن مخرجات التعليم لا تلبي توقعاتهم، كما أن المجالس الخاصة لا تكف عن الشكوى من تردي مستويات طلابنا الدراسية، ما يحتم على المسؤولين عن التعليم تقديم تقرير علمي دوري عن التعليم أين هو الآن، وما مواطن قوته وضعفه، وكيف يمكن التغلب عليها ومتى؟.. وغيرها من الجوانب التي تجيب عن كل التساؤلات والشكاوى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي